لغز طفلي وولبت الخُضر

من المعروف أن اللون الطبيعي للبشرة هو الأسود والأبيض وما يندرج تحتهما من ألوان، لكن هل سبق لك أن شاهدت أطفال من ذوي البشرة الخضراء؟ نعم تم تسجيل حالة ظهور نادرة لطفلين من ذوي الخضراء!! ولكن أين و متى ؟ هو ما سوف نعرفه بالتفصيل من خلال السطور القادمة، نقلًا عن المؤرخ الإنجليزي رالف كوجشيل في مؤلفته Chronicon Anglicanum.

ظهور أطفال خضراء وسط الحقول

نحن الآن في العصور الوسطى بالتحديد ما بين عام (1135- 1154) في وقت الحصاد في إحدى القرى الصغيرة Wool pit بمقاطعة Suffolk بلندن، حينما كان الفلاحون في فترة الاستراحة وقت الظهيرة، و فجأة شاهد أحد الفلاحين طفلين غريبي الأطوار يقفان بجوار حفرة كبيرة، كان الفلاحون قد صنعوها لاصطياد الذئاب، فأشار للجميع حتى انتبهوا لهم، والتفت الجميع حولهم في حالة استغراب شديدة فقد كان الطفلان من ذوي البشرة الخضراء وهو لون غير مألوف، يرتدون ثياب غريبة و يتحدثون بلغة غير مفهومة، كان يبدو عليهما الذعر والخوف لأنهما كانا يبكيان بشكل مستمر.

في بيت السيد ريتشارد دي كالني

حينما وجد الفلاحون حالة الذعر التي كانت تبدو على قاموا على الفور بنقلهما إلى منزل أحد كبار مالكي الأراضي و يدعى السيد ريتشارد دي كالني وذلك لمحاولة التعرف عليهما، أو فهم اللغة التي يتحدثون بها، وفي بيت السيد كالني جلس الأطفال، وما أن رآهم حتى ظن أنهم مصبوغان باللون الأخضر فظل يفرك بيده يد الفتاة إلا أن اللون لم يزول، فحاول التخاطب معهم، فظلوا يرددون كلمات غير مفهومة، وبعد حين قرر أن يحضر لهما الطعام.
وما أن وضع الطعام والفاكهة أمام الأطفال حتى ظلا ينظران إليه باندهاش ولم يحاولا حتى أن يمد أحدهما يده إلى الأطباق، وفي النهاية لم يتناولا أي شيء منه، ظل الحال هكذا لمدة خمسة أيام والأطفال لا تشرب في بيت السيد ريتشارد سوى الماء حتى بدأ الهزال يظهر عليهما، على الرغم من محاولة السيد ريتشارد أن يحضر لهم أصناف متنوعة ومختلفة منه إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل.
وفي أحد الأيام دخل أحد الفلاحين وبيده طبق عليه عينة من محصول ليريه لمالك الأرض السيد ريتشارد، وما ان شاهد الأطفال الفاصوليا حتى انقضوا على الرجل وأخذا الطبق وجلسا لتناول الفاصوليا في نهم وجوع شديد، فأمر السيد ريتشارد بإحضار المزيد منها حتى أكل الطفلان وشبعا.

قد يهمك هذا المقال:   الكانيباليزم التهام الذات

الأرض التي لا تزورها الشمس

بعد مرور شهر على حادثة اكتشاف طفلي وولبت، مرض الفتى وأخذت حالته تتدهور حتى مات، وتم دفنه في مقبرة القرية، لكن الفتاة بدأت في التأقلم مع الحياة كما أن لونها أصبح يخفت شيئًا فشيئًا حتى زال عنها تمامًا واستجابت لأنواع الطعام المختلفة، ومع استمرارها في التأقلم تعلمت الإنجليزية وما أن استطاعت التحدث بها حتى كانت اللحظة التي طالما انتظرها الجميع.
جلس السيد ريتشارد أمام الفتاة حتى يستفسر عن كل ما يخصها من أين جاءت، وما هو سبب لونها المختلف؟ فأجابت الفتاة أنها جاءت من أرض بعيدة لا ترى الشمس، جميع أهلها من ذوي اللون الأخضر حتى الحيوان فيها لونه أخضر، وأن سبب انزعاجهم في اللحظة التي عثر عليهم فيها الفلاحين هو رؤيتهم للشمس، فكانت هذه هي المرة الأولى لهم، وأنهم لم يروا أشعة النور إلا في بلاد بعيدة عنهم يفصلهم عنها النهر الكبير ولكنهم لم يذهبوا إليها أبدًا.
أما عن اليوم الذي ظهرا فيه، فأجابت الفتاة أنها كانت تلعب مع بعض الحيوانات في الغابة عندما سمعت قرع الأجراس يأتي من داخل الكهف مما لفت انتباهنا فتوقفنا نستمع إليها ثم حاولنا أن نعرف ما هو مصدر الصوت داخل الكهف، فدخلناه وتتبعنا الصوت، لكننا ضعنا فجأة ولم نستطيع العودة حتى عثرنا على مخرج آخر للكهف فظننا أننا عدنا إلى أرضنا لكننا وفجأة وجدنا نفسنا في أرض واسعة مضيئة وواجهنا ضوء الشمس، ثم أتى الفلاحين وظلوا يتحدثون بصوت عالي مما جعلنا نشعر بالفزع والخوف حتى أتوا بنا إلى هذا المنزل، كنا نشعر بالجوع والعطش ولكننا لا نستطيع التعبير عن ذلك حتى رأينا الفاصوليا الخضراء فنحن معتادون على تناول كل ما هو أخضر في بلادنا، ولكني الآن استطيع تناول الأكل ولم يصبح لوني أخضر وكل ما يحزنني هو فراق أخي وأنني لا أستطيع أن أعود إلى أمي وأبي مرة أخرى.

قد يهمك هذا المقال:   مثلث الغموض برمودا

الآراء والتفسيرات المختلفة في ظاهرة طفلي وولبت

يرى البعض أن هذه حقيقية بينما يرى البعض الآخر أنها مجرد أسطورة وفيما يلي سوف نستعرض تفسيرات كلا الجانبين وما استندوا عليه في هذه التفسيرات:

  1. الرأي الأول وهو أن هذه القصة حقيقية وذلك لأنه توجد حالات أخرى ظهرت لتلون الجلد نتيجة نوع معين من مما يتسبب في ظهور اللون الأخضر في شكل بقع على الجلد ويتم علاج هذا النوع من فقر الدم عن طريق التغذية الجيدة وهو ما حدث للفتاة نتيجة تعودها على نظام غذائي مغاير للذي اعتادت عليه، أما بالنسبة للغة فيرجع ذلك علماء التاريخ أن هؤلاء الطفلان كانا من أبناء شعب الفلامنج وهو شعب مهاجر تعرض للإبادة من خلال عدة حروب متتالية ولربما كان والدي الطفلان من ضمن القتلى مما اضطرهما للهروب وادعائهما أنهما من أرض بعيدة هو خوفهم من التعرض لنفس المصير الذي تعرض له أبويهما.
  2. الرأي الثاني يرى بأن هذه القصة ما هي إلا أسطورة اخترعها رجال الدين في ذلك الوقت لمجرد إثبات وجهة نظرهم عن العوالم الأخرى وما يجري في باطن الأرض، وتلك الأرض البعيدة التي لا تزورها الشمس، وغيرها من الأساطير التي تعمدوا إدراجها في كتب التاريخ، خاصةً وأن الفتاة كان لديها الوقت الكافي قبل أن تتحدث لاختلاق قصة ما تثير دهشة الجميع، وهو ما يؤكده اختفاء أخبارها بعد ذلك.

وردت قصة طفلي وولبت في كتاب History of English Affairs باللغة اللاتينية لمؤلفه وليام أوف نيوورج وهو راهب ومؤرخ إنجليزي، وفي كتاب Chronicon Anglicanum وهو أيضًا باللغة اللاتينية لمؤالفه رالف كوجشيل راهب ومؤرخ إنجليزي.
كلا المصدرين قاما على سرد هذه القصة لطفلي وولبت الخضر وعلى الرغم من أن المؤلفين عاشا تقريبًا في نفس الفترة الزمنية التي ظهر فيها الطفلين إلا أن رواية الراهب والمؤرخ رالف كوجشيل تعد الأكثر ثقة حيث أنه زعم أنه سمعها من السيد ريتشارد كالني نفسه ومن جميع الموجودين بالمنزل، أما بالنسبة لرواية الراهب وليام أوف فقد زعم أنه سمعها ونقلها عن مجموعة من الشهود الموثوق فيهم.

قد يهمك هذا المقال:   كواكب المجموعة الشمسية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *