مقدمة عن العولمة
العالم أصبح قرية صغيرة، هذا ما يتم تناوله كثيراً هذه الأيام، فهل نعرف أن الهدف الرئيسي للعولمة هي أن تجعلنا كأننا نعيش في مكان واحد، نأكل الشيء الواحد، ونستخدم الشيء ذاته؟ والعولمة لا تتحدّى أحدا في هذا الهدف وإنما بدأ الأمر قديماً ونجح واستمر إلى هذه اللحظة. في هذا المقال سنتعرّف اكثر على العولمة وجذور فكرتها ونتائجها.
ما هي العولمة؟
العولمة هي حركة التفاعل المتجددة بين المجتمعات المختلفة حول العالم، يصحبها نوع من التغيير المدفوع من قبل التجارة و الدولي مع اندماج تكنلوجيا المعلومات، مسببة اثارها الواضحة على البيئة، الثقافة، النظم السياسية، التنمية والازدهار وعلى الرفاه البشري في المجتمعات في جميع أنحاء العالم.
تاريخ العولمة
العولمة ليست جديدة على عالمنا بمصطلحها او بممارساتها ، فهي وجدت قديما، فالإنسان ولد وفي جيناته حب المعرفة و التطور وبصفته كائن إجتماعي أحبّ أن يتداخل مع الآخر ويتبادل معه، فتاريخ العولمة بدأ عندما أحس الناس بإنهم يحتاجون إلى تبادل المنافع مع المناطق المتجاورة معهم، فالأمر بدأ إقتصادياً ثم تدرّج بعد ذلك إلى أن يكون سياسياً ثم تداخلت الثقافة والأفكار وتم نقلها من مجموعات إلى أخرى.
كان الناس – وفيما بعد أصبحت الشركات – يشترون ويبيعون لبعضهم البعض من على مسافات بعيدة، تتجاوز حدود مناطقهم الخاصة قبل ان توجد حدود الدول بمفهومها اليوم، و قد تعلم الإنسان وهو المخلوق الاجتماعي كيف يبحث عن الجديد في عالم التجارة، بجانب الزراعة طبعا حيث كانتا هما المهنتان الشهيرتان جدا انذاك، لقد فكر الانسان وسعى لمعرفة منتجات الآخر وحصل ذاك النوع من التداخل الثقافي والفكري وغيره والشاهد على ذلك ، مثل طريق الحرير الشهير عبر آسيا الوسطى الذي يربط بين وأوروبا خلال العصور الوسطى، و لقرون استثمر الناس عن طريق العمليات التجارية في بلدان أخرى. و في الواقع؛ فإن العديد من ملامح موجة العولمة الحالية مشابهة لتلك التي كانت سائدة قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى في عام 1914، فكل ثورة تجديد جديدة ستصاحبها تلك العولمة الحديثة،
هيكل العولمة الحديثة
التطورات السياسية والتكنولوجية في العقود القليلة الماضية أدت إلى زيادة التجارة عبر الحدود ، والاستثمار ، والهجرة إلى درجة كبيرة بحيث يعتقد العديد من المراقبين أن العالم قد دخل مرحلة جديدة نوعياً في تطوره الاقتصادي، فمنذ عام 1950 ، على سبيل المثال، زاد حجم بمقدار 20 مرة ، ومن عام 1997 إلى عام 1999 تضاعفت تقريبا تدفقات الاستثمار الأجنبي ، من 468 مليار دولار إلى 827 مليار دولار. قال المؤلف توماس فريدمان، الذي ميز هذه الموجة الحالية للعولمة عن الموجات السابقة.
“هذه الموجة الحالية من العولمة كانت مدفوعة بسياسات قد فتحت الاقتصاد على الصعيدين المحلي والدولي، في السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية، وخاصة خلال العقدين الماضيين، واعتمدت حكومات كثيرة أنظمة اقتصادية في السوق الحرة، مما أدى إلى زيادة إمكاناتها الإنتاجية إلى حد كبير وخلق فرص جديدة لا تعد ولا تحصى للتجارة الدولية والاستثمار، وقد تفاوضت الحكومات أيضاً على إجراء تخفيضات هائلة في الحواجز التي تعترض التجارة، وأبرمت اتفاقات دولية لتعزيز التجارة في السلع والخدمات والاستثمار، من خلال الاستفادة من الفرص الجديدة في الأسواق الأجنبية ، قامت الشركات ببناء مصانع أجنبية ووضع ترتيبات للإنتاج والتسويق مع شركاء أجانب، لذلك فإن السمة المميزة للعولمة هي هيكل تجاري صناعي ومالي دولي.”
ما هو المحرّك الأساسي للعولمة في هذا العصر
تعتبر التكنولوجيا هي المحرك الرئيسي للعولمة، فقد أدى التقدّم الملحوظ في تكنولوجيا المعلومات؛ إلى تغيير كبير في الحياة الاقتصادية، وأثّرت التكنلوجيا كثيراً على العمليات التجارية، فقد تمثّل دور التكنلوجيا في منحها لجميع الجهات التي تفعّل الإقتصاد وتنعشه من مستهلكين ومستثمرين وشركات لأدوات جديدة وقيّمة، وأصبح البحث الأول هو البحث عن الفرص الإقتصادية، والتبادل التجاري في كل أنجاء العالم، فأصبح منعشو الإقتصاد سريعوا الحركة والإستجابة بسبب سرعة الوصول للتحليلات وحركة التنوير في التعرّف على الإتجاهات الإقتصادية الأخرى.
ماهي النتائج التي أدت لها العولمة
- يزعم أنصار العولمة أنها تسمح للبلدان الفقيرة ومواطنيها بالتطور اقتصادياً ورفع مستويات معيشتهم، بينما يزعم معارضو العولمة أن إنشاء سوق حرة دولية غير مقيدة قد أفاد في العالم الغربي على حساب المؤسسات المحلية، والثقافات المحلية وعامة الناس. لذلك، اتخذت المقاومة للعولمة شكلها على المستوى الشعبي وعلى المستوى الحكومي، حيث يحاول الناس والحكومات إدارة تدفق رأس المال والعمالة والسلع والأفكار التي تشكل الموجة الحالية للعولمة.
- تسعى العولمة بصورة كبيرة إلى الدمج مع الآخر وتصدير ليس فقط المنتجات والتعاون الإقتصادي بل إن الأمر يتجاوز إلى التصدير لثقافة الدول المهمينة إقتصادياً وتوطيدها في كل أنحاء العالم، مما جعل العولمة تصطدم بالهوية التي تمتلكها أي مجموعة تريد الحفاظ على تراثها وثقافتها، والتي تبرز التعدد كصورة إيجابية، في حين ان العولمة ترفض ذلك التعدد وتدعو إلى الإنصهار بالمنتجات والافكار التي تتخذ ذلك الطابع الغربي، فلا أحد اليوم لا يعرف هوليود الغرب وبوليود الشرق، ولا أحد لا يعرف أو لم يتذوق مشروب الكولا أو البيبسي، والتكنلوجيا قرّبت أكثر الأشخاص من مفهوم العولمة بالإنفتاح المشهود في وتناقل وإنصهار الثقافات.
كيف يمكن مواجهة العولمة
من أجل إيجاد التوازن الصحيح بين الفوائد والتكاليف المرتبطة بالعولمة ، يجب على مواطني جميع الدول أن يفهموا كيف تعمل العولمة والخيارات الأقتصادية و السياسية والفكرية التي تواجههم ومجتمعاتهم، وكيف يتم تداول المفيد، وطرح كل ماهو غير مفيد، ونشر عملية الوعي بذلك.