ما هي شجرة الزقوم

نسيم خفيف ترقص معه الأوراق الخضراء اليانعة، محدثة حفيفا عذبا يحمل معه شذى الأزهار المتفتّحة التي يرسم جمالها لوحة مبهرة ذات سحر مستمرّ، حتّى إذا انتهى السحر وسقطت بتلّات الأزهار ظهرت مكانها ثمار طيّبة طازجة، ريحها من ريح الجنّة وطعمها بلذّة الشهد. ظلّها وارف سخيّ وطلعها سائغ شهيّ ومنظرها ساحر بهيّ وكلّها نفع وبركة، فتلك هي الشجرة وذلك وصفها، إذ خلقها الله وسخّرها لتكون نعمة وعطاءً في الدنيا كما جعلها أيضًا نعيما في الجنّة، وفي المقابل خصّ أهل النار بشجرة هي لهم عذاب وطعام خبيث كخبث ما اقترفوه في دنياهم، فكانت شجرة الزقوم.

ما هي شجرة الزقوم

شجرة الزقوم هي شجرة خبيثة تضرب جذورها في قعر جهنّم وتمتدّ فروعها وأغصانها في جميع أرجاء الجحيم، ثمارها قبيحة المنظر أشبه ما يكون برؤوس الشياطين، كما جاء في (أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ* طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لَآَكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ * ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيم). ومع خبث هذه الشجرة وخبث طلعها، إلا أن أهل النار يلقى عليهم الجوع بحيث لا يجدون مفراً من الأكل منها إلى درجة ملء البطون، فإذا امتلأت بطونهم أخذت تغلي في أجوافهم كما يغلي دردي الزيت، فيجدون لذلك آلاماً مبرحة، فإذا بلغت الحال بهم هذا المبلغ اندفعوا إلى الحميم، وهو الماء الحار الذي تناهى حره، فشربوا منه كشرب الإبل التي تشرب وتشرب ولا تروى لمرض أصابها، وعند ذلك يقطع الحميم أمعاءهم.

قد يهمك هذا المقال:   فوائد صلاة الجماعة

وصف شجرة الزقوم

شجرة الزقوم شجرة ملعونة في القرآن وخبيثة الثمار والمنظر. أصلها في النار ولا تحترق فكانت بذلك فتنة للكفّار والمشكّكين والملحدين، وهي من عجائب الله في خلقه، ثمارها بشعة مرعبة كأنّها رؤوس الشياطين، فقد جاء في قوله تعالى: (طلعها كأنه رؤوس الشياطين)، كما أنّ طعمها مرّ وسيء لا يحتمل وهي عذاب لأهل النار وطعامهم الذي يطعمون منه وما إن يستقر ثمرها في بطونهم حتى يغلي غلي المهل وهو الزيت العكر ، فتتقطع أحشاؤهم كصورة واحدة من صور عذاب يوم القيامة كما جاء في قوله تعالى: ( إن شجرة الزقوم، طعام الأثيم، كالمهل يغلي في البطون، كغلي الحميم)، ورغم العذاب الذي يلقونه منها فهم يعودون ليأكلوا منها من فرط الجوع الذي يلقى عليهم جزاءً بما كسبوا في الحياة الدنيا. فيجدون لذلك آلاماً مبرحة لا توصف، فإذا بلغت الحال بهم هذا المبلغ اندفعوا إلى شرب الحميم، وهو الماء الحار الذي تناهى حره وبلغ أقصاه، فولغوا فيه وشربوا منه كشرب البهائم التي تشرب ولا تروى لداء أصابها، وعند ذلك يقطع هذا الحميم أمعاءهم وتندلق أقتابهم.

أين شجرة الزقوم

الثابت من القول أنّ شجرة الزّقوم في النار وأن النار في الأرض السفلى أو الأرض السابعة واسم هذه الأرض هو سجّين كما نص عليه أهل العلم. فروى البيهقي في “البعث والنشور” (455) بسند ضعيف عن ابن مسعود قال : ” الْجَنَّةُ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ الْعُلْيَا، وَالنَّارُ فِي الْأَرْضِ السَّابِعَةِ السُّفْلَى ” ثُمَّ قَرَأَ: (إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ) المطففين/ 18 ، (إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ) المطففين/ 7 ، قال البيهقي عقبه :حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَمَا ذَكَرَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوْضِعِ رُوحِ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ : يَدُلُّ عَلَى هَذَا.كما سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: أين توجد الجنة والنار؟ فأجاب: الجنة في أعلى عليين، والنار في سجين، وسجين في الأرض السفلى، كما جاء في الحديث: (الميت إذا احتضر يقول الله تعالى: اكتبوا كتاب عبدي في سجين في الأرض السفلى)، وأما الجنة فإنها فوق في أعلى عليين، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام (أن عرش الرب جل وعلا هو سقف جنة الفردوس) “. من ” فتاوى نور على الدرب ” (4/ 2). وقال الشيخ أيضا:”مكان النار في الأرض، ولكن قال بعضُ أهل العِلْم: إنَّها البحار، وقال آخرون: بل هي في باطن الأرض، والذي يظهر: أنَّها في الأرض، ولكن لا ندري أين هي مِن الأرض على وَجْهِ التعيين. والدَّليل على أنَّ النَّارَ في الأرض: قول الله تعالى: (كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ) وسِجِّين الأرض السُّفلى؛ فالنَّار في الأرض.
وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن قتادة ، قال: كانوا يقولون: إن الجنة في السموات السبع ، وإن جهنم لفي الأرضين السبع .
وقد استدل بعضهم لهذا بأن الله تعالى أخبر أن الكفار يعرضون على النار غدواً وعشياً ـ يعني في مدة البرزخ ـ وأخبر أنه لا تفتح لهم أبواب السماء ، فدل أن النار في الأرض ” (التخويف من النار ص 62-63(.

قد يهمك هذا المقال:   مساوىء العزلة

شجرة الزقوم في القرآن والسنة

جاء ذكر شجرة الزقوم في القرآن الكريم وفي السنّة النبويّة في عدّة مواضع:

  • في سورة الصّافات قال الله تعالى: (أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لَآَكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ * ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ).
  • في سورة الدخان قال الله تعالى :(إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ)
  • قال الله تعالى: في سورةالواقعة: (ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ * لَآَكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ * فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ * هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ).
  • قال الله تعالى: في سورة الإسراء: (وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآَنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا). وذكر ابن عباس رضي الله عنه أن الشجرة الملعونة هي شجرة الزقوم، فقال في قولِه تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ). قال: هي رُؤْيَا عَيْنٍ، أُرِيَها رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم ليلةَ أُسْرِيَ به إلى بيتِ المَقدِسِ. قال: (وَالشَّجَرَةَ المَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ). قال: هي شجرة الزقوم. صحيح البخاري (3888).
  • عن ابن عبّس قالَ: قالَ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ولو أنَّ قَطرةً منَ الزَّقُّومِ قَطرَت، لأَمَرَّت على أَهْلِ الأرضِ عَيشَهُم، فَكَيفَ من ليسَ لَهُم طعامٌ إلَّا الزَّقُّومُ. (مسند الإمام أحمد 4/259).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *