ما هي كفارة الحلف

أحد مقاصد الشريعة الإسلامية الغرّاء هو حفظ الدين، ومن حفظ الدين، حفظ لفظ الجلالة وتعظيم حرمة اسمه جلّ وعلا، ففي حالة الحلف يكون تعظيم المحلوف به سبحانه، وكما نعلم جميعا أن الحلف لا يكون إلا بالله ولا يجوز الحلف بغيره قال صلى الله عليه وسلم: “((ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفاً فليحلف بالله أو لِيصْمُتَنّ))” البخاري. وقال صلى الله عليه وسلم: “((من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك))”، لذلك وجب حفظ هذا الحلف أو اليمين، فإذا حلف الإنسان وانعقدت يمينه، وجب عليه إتمام حلفه بفعل ما حلف عليه، وإلا وجبت عليه أو مايمسى كفارة الحلف، إذن ما هي كفارة الحلف ؟ وما هي أنواع الحلف وأحكامه؟

الأيمان في الإسلام

يقسم العلماء اليمين أو الحلف إلى قسمين من حيث الزمن والوقت، فالحلف على شيء قد مضى نوع، والحلف على شيء يأتي في المستقبل نوع ثان، وعليه:

  • اليمين التي تكون على شيء قد فات، كأن يقول الرجل: والله قد جائني فلان، فهذه اليمين ليست لها كفارة، وإنما إن كان صادقا فيها فلا شيء عليه ولا وزر، لكن إن كذب فيها فيخشى عليه أن تغمسه في النار، وعليه بالمبادرة بالتوبة ورد المظالم إلى أهلها. وهذه اليمين الكاذبة منتشرة بكثرة في زمننا هذا، خاصة في المعاملات التجارية -والعياذ بالله-، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول في هذا الباب بالخصوص، محذراً من ذلك في حديث أبي ذر رضي الله عنه: “(( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، فقلت: من هم يا رسول الله خابوا وخسروا؟ قال: المسبل إزاره، والمنان عطاءه، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب))” النسائي وابن ماجه
  • اليمين التي تكون في أمر يكون في المستقبل، وهذا النوع يطلق عليه اسم “اليمين المنعقدة”، وهذا النوع تكون فيه الكفارة إن لم يفعل ولم يتم حلفه، كأن يقول الرجل: والله لأفعلن كذا وكذا، فإن فعل فقد وفّى يمينه، وإن لم يفعل وجبت عليه الكفارة، وفي هذا تعظيم لشأن المحلوف به وهو الله جل وعلا، فإن حلفك به معناه أنك تعظّمه، فإن لم تفعل فأين التعظيم هنا؟ إذن يجب عليك الكفارة في هذه الحالة.
قد يهمك هذا المقال:   صلاة قضاء الحاجة

يشترط في اليمين المنعقدة القصد لما حلف عليه، يقول الله عز وجلّ: “((لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ))” 89، أي أن صاحب هذه اليمين يكون قاصدا لها بعقدها، وهذه التي يترتب عليها وجوب الكفارة فيها.

يمين اللغو

أما يمين اللغو، فهي التي لم يقصد صاحبها انعقادها، كأن تكون سبق لسان، أو تكون في حالة الغضب الشديد كما أفتى بذلك “الشيخ ابن باز “-رحمه الله تعالى-، فهذه اليمين لا يترتب عليها كفارة ولا شيء على صاحبها.

ماهي كفارة الحلف

ننقل “فتوى للشيخ ابن باز” -رحمه الله- فتوى الشيخ ابن باز رحمه الله والتي يجيب فيها عن سؤال: ما هي كفارة اليمين ؟
” قال رحمه الله: كفارة الحلف مثل ما قال الله جل وعلا: “((فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ))” هذه كفارة اليمين، إما عشرة مساكين يطعمهم يعشيهم أو يغديهم، أو يعطيهم من قوت البلد نصف الصاع من تمر من رز من غيره من قوت البلد، أو يكسوهم كسوة، أو يعتق رقبة ذكر أو أنثى، هذه كفارة اليمين، من حلف مثلاً إنه لا يكلم فلان ثم كلمه أو حلف إنه ما يبيت عند فلان وبات عنده أو لا يجيب ضيافته ثم أجابه، يكفر كفارة يمين، يطعم عشرة مساكين نصف صاع كل واحد، كيلو ونصف، وإن أعطاه زيادة فلا بأس، أو يكسوه، أو يعشيه أو يغديه، أو يعتق رقبة، فإن عجز عن هذه كلها صام ثلاثة أيام، إذا عجز عن فقير ما يقدر، يصوم ثلاثة أيام؛ لقوله سبحانه: “((فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ))”[المائدة:89 والأولى أن تكون متتابعة كما قرأ ابن مسعود رضي الله عنه: متتابعة، هذا هو الذي ينبغي. نعم”. إذن، ومن خلال كلام الشيخ -رحمه الله- يتبيّن لنا جليّا ما هي كفارة الحلف، وقد يخطئ الكثير من عامة المسلمين، وهذا اعتقاد شائع بينهم، أن كفارة الحلف هي صيام ثلاثة أيام وانتهى الأمر، في حين أن كفارة الحلف تبدأ بالإطعام ثم الكسوة ثم تحرير رقبة فمن لم يستطع بسبب فقر أو فاقة فيصوم ثلاثة أيام.

قد يهمك هذا المقال:   أسباب الخشوع في الصلاة

الحنث في اليمين

يقول جلّ وعلا: ((وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ))، أي لا تحنثوا فيها، وقيل معناها لا تكثروا الأيمان، فيتوجب على الإنسان اجتناب الحلف كثيرا.
أنواع الحنث في اليمين:

  • الحنث المحرّم: ويكون لم حلف على أمر واجب أن يفعله، أو أن يترك أمرا محرما، فهذا يجب عليه الوفاء بيمينه ولا يجوز له الحنث فيها، كأن يحلف على أن ل ايشرب الدخان ثم شربه، فهذا تجب عليه كفارة الحلف.
  • الحنث المكروه: يكون في حالة الحلف على أمر مستحب أو ترك أمر مكروه، فهذا يكره له ترك فعل المستحب أو فعل الأمر المكروه، كأن يحلف على زيارة شخص ما، فيكره له أن ل يفعل، وفي حالة ما لم يفعل المستحب مثلا وجبت عليه الكفارة.
  • الحنث المستحب: يستحب له الحنث إذا ما حلف على ترك أمر مستحب، أو حلف على فعل أمر مكروه، فهنا يقال له يستحب لك الحنث في يمينك وتجب عليك كفارة الحلف.
  • الحنث الواجب: في حالة ما حلف الشخص على فعل أمر محرم، أو ترك فعل أمر واجب، فهنا يجب عليه الحنث في يمينه ويفعل الأمر الواجب ويترك المحرم، وعليه كفارة الحلف.
  • الحنث المباح: كأن يحلف على فعل أو ترك أمر مباح، كأن يقول: والله لا ألبس اليوم هذا الثوب، فيباح له الحنث في يمينه، وله أن يتم أمره إن شاء (وهذا الأولى)، وعليه كفارة الحلف.

يقول الشيخ بن عثيمين -رحمه الله تعالى-: “…ثم إن الإنسان إذا حلف ولا بد فليقل: إن شاء الله؛ لأن قوله: إن شاء الله يستفيد بها فائدتين عظيمتين؛ الفائدة الأولى: أنه إذا قال: إن شاء الله حقق الله له ما حلف عليه. والثانية: أنه إذا قال: إن شاء الله ولم يفعل فلا كفارة عليه، …. “قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لو قال إن شاء الله لم يحنث))”، وكان دركاً لحاجته. وأما الفائدة الثانية: وهي أنه لو حنث لا كفارة عليه فدليل ذلك “قوله صلى الله عليه وسلم: ((من حلف على شيء فقال: إن شاء الله، فلا حنث عليه))”، فإذا كان قول الحالف: إن شاء الله يستفيد به هاتين الفائدتين فليلزمه دائماً إن شاء الله، فإذا قال: أخشى إن قلت: إن شاء الله أن صاحبي الذي حلفت عليه يتهاون بالأمر، قلنا: إذا خفت من هذا فقلها: سراً يعني بينك وبين نفسك، بأن انطق بها بحيث لا يسمعك، وحينئذٍ يكون هو سمع يميناً ليس فيه استثناء وأنت حلفت يميناً فيه استثناء”.

قد يهمك هذا المقال:   تاريخ بناء الكعبة

المراجع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *