بلاد الشام قبل الإسلام
أطلق اسم قبل الإسلام على جزء من أراضي المشرق العربي الواقعة في جنوب غرب قارة أسيا، والتي تمتد من السواحل الشرقية للبحر الأبيض المتوسط وحتى حدود بلاد العراق، وتمثل أراضيها اليوم مجموعة من الدول العربية وهي “الأردن و و وفلسطين بأراضيها القديمة “الضفة وقطاع غزة”، كما شملت قديمًا جزءًا من أرض سيناء “الجزء الأسيوي منها”، وأيضًا قبرص والجزيرة الفراتية “نهر الفرات”،العشماوي، شرين شلبي أحمد. كتابات ابن أبى طي الحلبي في المصادر الإسلامية. مع جزء يتبع تركيا اليوم وهي تلك الأراضي التي تحد سوريا شمالًا.
لمحة تاريخية عن بلاد الشام
تعتبر بلاد الشام من أقدم الأراضي التي سكنها الإنسان، فيرجع تاريخ أول وجود للإنسان على أرضها إلى 60 سنة قبل الميلاد، وهي فترة العصور الحجرية القديمة، ووصلها البشر من هجرات قادمة من إفريقيا، وتوالت الحضارات والممالك على أراضي بلاد الشام، من أبرز تلك الممالك الحوثيين والآشوريين والإغريق والروم والعرب، ودائمًا ما كانت بلاد الشام مركزًا للصراع بين القوى العالمية.
لم تكن بلاد الشام إلا كتلة سياسية وجغرافية واحدة حتى وقتٍ قريب، فجميع أراضي بلاد الشام ترتبط بأصول وثقافات ولغات واحدة، وما جاء من تقسيمها لكيانات منفصلة متمثلة في وفلسطين وسوريا ولبنان لم يتم إلا بمحاولة تفريق وحدة بلاد الشام وتقسيم أراضيها، وكانت أبرز تلك المحاولات وأكثرها نجاحًا الاتفاقية البريطانية الفرنسية “سايكس بيكو”، والتي أفسحت المجال لدخول إسرائيل وتأسيس دولتها في بلاد الشام بالسيطرة على جزء من أراضي فلسطين، ومن ثم سعيها نحو السيطرة على لبنان والأردن والدخول نحو .
اللغة
لم تكن اللغة العربية سائدة في بلاد الشام قبل الإسلام، فاللغة التي تحدث بها سكان أقاليم بلاد الشام هي اللغة الآرامية وهي إحدى اللغات السامية؛ وهي عبارة عن مزيج من الأكدية المنطوقة في بلاد العراق ومن الكنعانية المنطوقة في سوريا، وظلت اللغة الآرامية هي اللغة الرئيسية في بلاد الشام والعراق حتى دخول الإسلام في القرن السابع الميلادي، ورغم سيطرة الدولة الرومية المسيحية على بلاد الشام قبل دخول الإسلام، إلا أن بلاد الشام تمسكت باللغة الآرامية واستخدمتها في الدعوة وتدوين النصوص الدينية ولم تتخل عن لغتها في مقابل اللغة القبطية، ولكن مع دخول الإسلام وبسبب قرب اللغة الآرامية من فكليهما لغات سامية؛ فإن أهل الشام لم يجدوا صعوبة في تحول لغتهم للغة العربية، ولازالت مكانة اللغة الآرامية محفوظة حتى اليوم، فلازالت بعض القبائل السورية تتحدث بها إلى جانب العربية.
الفتح الإسلامي لبلاد الشام
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى أن تأمين حدود الدولة الإسلامية والبدء في نشر الإسلام خارج المدينة من الضرورات المُلحة لمسيرة الدعوة الإسلامية، ولذلك كان يرسل الرسائل مع رسله لزعماء الإمبراطوريات المجاورة له، وقد أرسل الرسالات الشهيرة لهرقل إمبراطور الروم، ولكسرى إمبراطور الفرس، وحينما وصل رفضهم بدأت الغزوات في الخروج إلى تلك الأراضي، فكانت أول معارك المسلمين مع الروم في بلاد الشام هي غزوة مؤتة، وكان مقتل الحارث بن عمير الأزدي، وهو صحابي أرسله رسول الله إلى حاكم بُصرى، وفي طريقه قتل على يد عامل البلقاء، فبدأ الحشد لجيش المسلمين، والذي تألف من 3 ألاف مقاتل، وفي المقابل تألف جيش الروم من 200 ألف مقاتل، ويكيبيديا، غزوة مؤتة. ورغم أن انتهاءها لم يكن لصالح المسلمين، فقد تمكنوا من الانسحاب دون خسائر بأعجوبة، إلا أنها كانت فرصة للتعرف على قوة البيزنطيين وطريقة تخطيطهم وأسلوبهم واستعدادهم للقتال.
واستمرت محاولات فتح الشام بعد مؤتة، فلم تكن تلك المحاولة أخر المحاولات، فقد استكمل الخليفة أبو بكر الصديق محاولة ، فأعد أبو بكر ثلاثة وأرسلهم إلى بلاد الشام، فأرسل يزيد بن أبي سفيان باتجاه مدينة دمشق في جيشٍ كبير؛ ودعمه بأخيه معاوية ومعه فرقة من الفرسان، وأرسل إلى الأردن شرحبيل بن حسنة، بينما أرسل إلى فلسطين عمرو بن العاص، وكانت خطة الفتح تهدف لدخول بلاد الشام من نقاطٍ عديدة، فيتفرق جيش الروم لمقابلة الجيوش الإسلامية، وسارت الجيوش الثلاثة باتجاه بلاد الشام تقتحم حصونها وتفتح قلاعها، ولمن الفتح النهائي لبلاد الشام لم يتم إلا في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
في عهد دارت أهم معركة فاصلة بين الروم والمسلمين، وهي التي اجتمعت عليها الجيوش الإسلامية، واجتمع فيها كل جيوش الروم، وكانت الهزيمة الساحقة للروم مدخلًا للمسلمين لبقية بلاد الشام، وكان ذلك سنة 15هـ – 636م.
بلاد الشام تحت الحكم الإسلامي
خضعت بلاد الشام لحكم الدولة الإسلامية بشكلٍ كامل بعد فتح القدس سنة 15 هـ، والتي تسلمها من أهلها الخليفة عمر بن الخطاب بنفسه، وأمن أهلها على أنفسهم وأموالهم، واشترط على أهلها أن يغادرها اليهود والروم، وأن يدفعوا الجزيرة للمسلمين، وبعدها تم تقسيم بلاد الشام لأمارات وعلى كل إمارة نائب عن الخليفة، فقسمت بلاد الشام لإمارة فلسطين والأردن ودمشق وحمص.
وفي عصر الخليفة عثمان بن عفان كان من أهم ولاته في بلاد الشام معاوية بن أبي سفيان، والذي اتخذ من أراضيها مقرًا لحكمه بعدما أخذ الخلافة من الحسين بن عليه بن أبي طالب، ومن بعدها دخلت بلاد الشام في أعمال تطوير وتنمية لم تشهدها بقية الإمارات الإسلامية، فقد أولى الخلفاء الأمويين بلاد الشام اهتمامًا بالغًا.
مع بداية العصر العباسي تعرضت بلاد الشام لأعمال تخريب من قبل العباسيين، فعند دخول أبو العباس السفاح لدمشق بدأت أعمال النهب لبيوت الأمويين، وتعرض أهلها للاضطهاد باعتبارهم من أتباع البيت الأموي، وخرجت بلاد الشام من كونها حاضنة للخلافة الإسلامية، وانتقلت الخلافة لبلاد العراق.