لا ضرر ولا ضِرار
عندما جاءت الشريعة الإسلامية مُمثلةً بالقرآن الكريم وبالسُّنة النبوية المُطهَّرة، جاءت قائمةً على أساس تحصيل المنافع والمصالح ورفع الضرر عن العباد في شتى أحواله وأشكاله، لذلك أباحت الشريعة جميع ما فيه مصلحةٌ ثابتة للمؤمنين أفراداً وجماعات، كما نهت وحرَّمت كلَّ ما فيه إضرارٌ بالفرد أو الجماعة، كالأمور التي تؤدي إلى تعطيل مصالح الأمة أو إلحاق الأذى بالنفس أو الغير، لذلك فإن المسلم متى أمعن النظر في بعض المحرَّمات يجد في أصلها مصالح ظاهرة، ولكن لأنها أدت إلى الإضرار بالغير حرَّمها الإسلام، وذلك تطبيقاً للقاعدة الفقهية الشهيرة التي تقول: (لا ضرر ولا ضِرار)، فلا يُقبل الضرر ابتداءً، ولا يجوز رد الأذى بمثله انتهاءً، وهذه القاعدة هي في أصلها حديثٌ نبوي، فما حكم التدخين؟ وهل يندرج تحت هذه القاعدة؟ وما الأذى الذي يمكن أن يُسببه التدخين لصاحبه أو لغيره؟ هذا ما ستتناوله هذه المقالة.
نبذة عن التدخين
هو عبارة عن تناول مواد قابلة للاحتراق من خلال استنشاقها بعد حرقها، وهو بأصله نبتة تُزرع خصيصاً لأجل هذه الغاية تُسمى التَّبغ، ولم يكن التدخين موجوداً في عهد – ولا في عصر أصحابه رضوان الله عنهم جميعاً، ولم يرد نصٌ شرعيٌ صريحٌ يُفيد مشروعيته أو عدم ذلك، وقد ظهر التدخين والدخان تحديداً من خلال معرفة مادة التبغ التي هي أساس الدخان، وذلك كان في القرن الحادي عشر هجرية، وقد نتج عن عدم وجود دليلٍ لتحليله أو تحريمه خلافٌ واسعٌ بين الناس في حكمه، ولكن الثابت قطعاً أن للتدخين أضراراً صحية واقتصادية وغير ذلك من الأضرار التي تلحق الأفراد أو الجماعات أو المجتمعات عموماً. حكم الدخان وبيعه: دار الإفتاء الأردني
حُكم التَّدخين
اختلف العلماء في حكم التدخين إلى عدة أقوال، فمنهم من أجازه وجعله مكروهاً، ومنهم من منعه وحرَّمه إجمالاً، وتجدر الإشارة هنا أنَّ التدخين من المسائل المُعاصرة التي لم يرد لها دليلٌ واضحٌ صريحٌ في كتاب الله وسنة نبيه المصطفى – صلى الله عليه وسلَّم- ومع ذلك فقد أسند كلُّ فريقٍ رأيه إلى عددٍ من النصوص الشرعية، وفيما يلي بيان أقوال العلماء المعاصرين في حكم التدخين وأدلتهم على ذلك: