أدباء فلاسفة

في الفترة الأخيرة من عصرنا الحالي طغى الإنتاج الأدبي على الإنتاج الفكري العربي، وذلك نظرًا إلى توجه القارئ العربي نحو والشعر بدلًا من كتب الفكر والنقد، إلا أنَّ هناك عددًا من الكتَّاب والمفكرين العرب اهتموا بالجمع بين الأسلوب الأدبي والمحتوى الفكري ليشدُّوا انتباه القارئ وعقله.
وبالاطلاع على كتب هؤلاء المفكرين سيُنمِّي القارئ مهاراته النقدية والفكرية دون إحساسٍ بالملل أو صعوبةٍ في قراءة المحتوى.

طه حسين .. عميد الأدب العربي

إذا كنت قد قرأت كتاب “الأيام”، وهو سيرة ذاتية لعميد الأدب العربي ، فأنت بالتأكيد تعرف المسيرة التي جعلت منه واحدًا من أهم المفكرين العرب، وعَلَمًا من أعلام التنوير في مصر والوطن العربي.
طه حسين علي سلامة المولود في نوفمبر عام 1889 بمحافظة المنيا في صعيد مصر، والذي فقد بصره نتيجةَ الجهل والعادات الخاطئة بالقرية المصرية في التعامل مع الأمراض، كان له طريق طويل في التنوير والتعليم.
بدأت تلك المسيرة منذ أن كان صبيًّا؛ فقد حفظ القرآن الكريم، ومن بعدها التحق بالأزهر الشريف، ثم كان من أوائل المنتمين إلى الجامعة المصرية عام 1908، وفي عام 1914 حصل على الدكتوراه وأُرسِل في بعثةٍ إلى ليُكمل دبلوم الدراسات العليا في القانون الروماني.
وخلال سنوات دراسة الدكتوراه كانت أطروحاته العلمية مثارًا للانتقاد نظرًا إلى تجديدها في الأفكار وبعض الموروثات، ولكنه أكمل مسيرته العلمية بعدها، وتدرَّج في عددٍ من المناصب المهمة من أستاذٍ للتاريخ الروماني والأدب العربي، حتى صار وزيرًا للمعارف، وعندها اهتم بمجانية التعليم وإلزاميته.
وقد كان مشروعه الفكري قائمًا على الانفتاح الثقافي والتحرر من العادات المجتمعية الخاطئة، مع الحفاظ على التقاليد والموروثات العربية والمصرية.
تُوفِّي طه حسين عام 1973 تاركًا خلفه تراثًا علميًّا وفكريًّا كبيرًا. ومن أهم هذه الكتب والمؤلفات (مستقبل الثقافة في مصر)، و(على هامش السيرة)، و(الفتنة الكبرى)، و(في الشعر الجاهلي).

قد يهمك هذا المقال:   ما هي الضمائر

زكي نجيب محمود .. المفكر الأديب

يُعدُّ الفيلسوف زكي نجيب محمود من أهم الفلاسفة والمفكرين العرب، فقد شرح القضايا الفلسفية العميقة ببساطةٍ وإمتاع؛ فلم تكُن الفلسفة بأسلوبه ذلك الشبح المخيف عصيَّ الفهم، بل قدَّمها إلى القارئ العربي بأسلوبٍ أدبي جذَّاب بعيدًا عن أروقة المكتبات الجامعية والدراسات الأكاديمية.
وحصل الدكتور زكي نجيب محمود، المولود في عام 1905، على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة لندن عام 1947، وبعدها بدأ في التدريس بعدة جامعاتٍ حول العالم؛ فدرَّس الفلسفة في مصر والكويت و، وتدرَّج في المناصب حتى وصل إلى منصب وزير الثقافة.
ومن أهم كتبه (تجديد الفكر العربي)، و(ثقافتنا في مواجهة العصر)، و(نحو فلسفة علمية)، بالإضافة إلى (قصة عقل)، ذلك الكتاب القيِّم الذي يضمُّ سيرته الذاتية ورحلته بين الشرق والغرب بكتابةٍ أدبية منمَّقة.
تتلمذ على يدَي الفيلسوف زكي نجيب محمود عددٌ من المفكرين الكبار، من أهمهم أنيس منصور، والدكتور إمام عبد الفتاح إمام.

علي الوردي .. على خُطى ابن خلدون

من أبرز المفكرين العرب المفكر والمؤرخ وعالم الاجتماع الدكتور علي الوردي، الذي وُلِد في عام 1913، وألَّف عددًا كبيرًا من الكتب والبحوث في علم الاجتماع، ودراسة الشخصية العراقية، وأيضًا في دراسة الشخصية القومية (شخصية المواطنين في دولةٍ واحدة). من أهم هذه الكتب (مهزلة العقل البشري)، و(وُعَّاظ السلاطين )، بالإضافة إلى (خوارق اللاشعور).
تأثر فكر الدكتور الوردي بمنهج ابن خلدون في دراسة علم الاجتماع، على الرغم من اتجاه أغلب مفكري عصره إلى الفكر الماركسي. وقد حصل على الدكتوراه في علم الاجتماع من جامعة تكساس عام 1950، ليعمل بعدها أستاذًا في كلية الآداب بجامعة بغداد، حتى وصل إلى منصب وزير المعارف.

حسن حنفي .. حوار المشرق والمغرب

كان الدكتور حسن حنفي واحدًا من أبرز المفكرين المصريين الذين انتموا إلى الفكر ، إذ قام بتحليل العقل العربي ودراسته وتفسيره للعالم، وأيضًا اهتم بتحليل العلاقة بين الشرق والغرب.
وُلِد في مصر عام 1935، ونال الدكتوراه في علم الفلسفة من جامعة السوربون في فرنسا، ثم عمل مدرسًا للفلسفة في عددٍ من الجامعات العربية، بالإضافة إلى عمله كمستشارٍ علمي في جامعة الأمم المتحدة بطوكيو.
ناقش الدكتور حسن حنفي في عددٍ من كتبه النهضةَ والهوية والعلاقات بينهما، وظهر ذلك جليًّا في كتبه (حوار المشرق والمغرب)، و(اليمين واليسار في الفكر الديني)، و(الهوية).
أما أهم كتبه، التي حلَّل فيها العلاقة بين الشرق والغرب، هو كتاب (من مانهاتن إلى بغداد)، الذي أصدره في عام 2004، وفيه عرضَ تأثر العالم بالهجوم على أمريكا في الحادي عشر من سبتمبر 2001، وناقش فيه أيضًا التحول في الموقف الأمريكي تجاه الشرق الأوسط والعالم الإسلامي.

قد يهمك هذا المقال:   زويل الذي لا نعرفه

عابد الجابري .. المفكر المغربي

الدكتور محمد عابد الجابري أحد أهم المفكرين العرب المغاربة. وُلِد في مدينة فكيك شرق المغرب عام 1935، وعمل في بدايته مدرسًا للفلسفة في إحدى المدارس الثانوية، ثم تدرَّج في مسالك التعليم حتى أصبح أستاذًا في الجامعة، بعد حصوله على الدكتوراه في الفلسفة عام 1970.
تفرَّغ عابد الجابري للإنتاج الفكري؛ إذ أنتج عددًا من المؤلفات في الفلسفة والتعليم، من أهمها (أضواء على مشكلة التعليم بالمغرب)، و(نحن والتراث)، الذي كان عبارةً عن عدة قراءاتٍ معاصرة في التراث الفلسفي العربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *