أدب السيرة الذاتية

هناك من يُفضِّل قراءة لأسلوبها السردي الجميل، وهناك آخرون يُفضِّلون الأخرى للمعلومات القيمة التي تحويها صفحاتها، ولكن من أراد أن يجمع بين الاثنين فعليه بكتب السيرة الذاتية، لا سيما سيرة الأدباء، فهي تجمع بين الأسلوب السردي الجميل للحكايات، والأفكار وتحليل القضايا التي عاصرها هؤلاء الأدباء.

وفي تقريرنا نرصد أبرز كتب الأدباء التي تناولت سيرتهم الذاتية.

أيام طه حسين

“يا ابنتي، إني لأخشى إن حدثتك بما كان عليه أبوك في بعض أطوار صباه أن تضحكي منه قاسيةً لاهية، وما أحب أن يضحك طفل من أبيه، وما أحب أن يلهو أو يقسو عليه”.

كلمات كتبها عميد الأدب العربي يصف بها بعض ما جاء في كتابه الشهير (الأيام)، الذي يُعدُّ من أشهر كتب السيرة الذاتية في القرن العشرين، فبُلغته السردية الروائية الفصيحة، يتحدث طه حسين في ثلاثة أجزاءٍ عن حياته من فترة الطفولة والصبا وتفاصيلها المؤلمة والمضحكة، مرورًا بفترة التحاقه بالأزهر الشريف، وفي هذا الجزء من الكتاب يناقش عميد الأدب العربي مجموعة من القضايا التي واجهته في أثناء العمل والدراسة، ثم يتعرَّض في الجزء الأخير لبعثه إلى فرنسا.
والكتاب ليس مجرد سردٍ لحياة كاتبٍ أو أديب، بل إنه يتطرق أيضًا إلى قضايا مرتبطةٍ بالحداثة الفكرية التي نادى بها طه حسين في عددٍ من مؤلفاته، من أبرزها النهضة التعليمية ومُطالبته بتحديث العلوم.

زهرة عمر الحكيم

“هذه رسائل حقيقية، كُتِبت في ذلك العهد الذي يُسمُّونه (زهرة العمر)، وهي مُوجَّهة إلى مسيو أندريه الذي جاء في وصفه كتابي (عصفور من الشرق). وقد بدأنا نتراسل بعد مغادرته باريس، ولبثنا على ذلك إلى ما بعد عودتي إلى مصر، ثم انقطعت بيننا الرسائل والأخبار”.

كما جاء في كلمات مقدمة كتاب (زهرة العمر) لأبي المسرح العربي الكاتب والأديب توفيق الحكيم، فإنه يضم مجموعة من الرسائل الحقيقية بين الحكيم وصديقه الفرنسي أندريه، الذي تعرف عليه خلال دراسته الدكتوراه في الحقوق بفرنسا. وهذه الرسائل لا تُعدُّ ثروةً أدبية في الأسلوب واللغة فقط، بل هي دليل على تفكير الحكيم وجهوده التي بذلها في فهم الحضارة الأوروبية وتحليلها، وقراءاته في ذلك الوقت، وزياراته إلى المتاحف، وتعرُّفه على الموسيقى الفرنسية والموسيقيين المشهورين هناك، لذلك في الكتاب ثروة فكرية وثقافية ممتعة.

قد يهمك هذا المقال:   حكم في الحياة

سجن الحكيم

“طبائعنا التى نُسجَن فيها طوال العمر، هى تلك الثقوب التى تنسل منها الأيام من أيدينا، تُجبرنا على إرتداء عباءة الوالدَين التى لطالما كرهناها، وكلما زاد نبذنا لها، زاد تقمُّصنا لهذه الطبائع، إلى أن تصبح قيدًا لا يُحطَّم على أرواحنا”.
في كتابه (سجن العمر) يسرد توفيق الحكيم جانبًا آخر من حياته وسيرته، ففي هذا الكتاب يستعرض الأديب حكاياته مع والده ووالدته، وطباعهما التي أثرت في طباعه الشخصية، ومن هنا جاء سجنه، فيحكي الحكيم في الكتاب كيف أن حبَّ والده للأدب والشعر كان بمنزلة الرغبة المكبوتة التي أورثها له، فأصبحت طباع الحكيم الشخصية لها “نزعة الأدب”. كما يتطرَّّق الحكيم إلى دراسته للحقوق، وفهمه البطيء، وكرهه للرياضيات، وكيف كان يحب الفن ولا سيما المسرح.

أنا عباس محمود العقاد

“كلا.. لست أهوى القراءة لأكتب، ولا أهوى لأزداد عمرًا في تقدير الحساب، وإنما أهوى القراءة لأنَّ عندي حياةً واحدة في هذه الدنيا، وحياة واحدة لا تكفيني”.
يضم كتاب (أنا) الحياة النفسية والشخصية للكاتب الكبير ، وفيه يتناول ذكريات الطفولة في بلدته، وحكاياته مع أمه وأبيه، وأساتذته، وتربيته، ونشأته، وكيف انطلق إلى المجال الفكري والأدبي والثقافي، والفلسفة التي اتبعها في كبره. لذا، فهو سيرة صادقة لحياته الحافلة بالكثير من التجارب والمشاعر والخبرات.

حياة نجيب محفوظ الطبيب

في هذا كتاب (حياة طبيب) يكشف الدكتور نجيب محفوظ أحد أهم العصر الحديث والحاصل على في الأدب، عن حياته المهنية في مجال الطب، إذ كان رائدًا لطبِّ النساء والولادة في وقته.
وفي الكتاب يتناول نجاحاته والأوقات التي أخفق فيها، ومعاناته، كما يحكي عن تلك الفترة التي أعقبت هزيمة الثورة العرابية، وعن ثورة 1919، كما يتطرَّق إلى الحياة الطبية في مصر حينها.

قد يهمك هذا المقال:   كيف تكتب سيرة ذاتية

أثقل من رضوى

“الحكايات التي تنتهي، لا تنتهي ما دامت قابلة لأنْ تُروى”. ولذلك روت رضوى عاشور في كتابها (أثقل من رضوى – مقتطفات من السيرة الذاتية) حكاياتها حتى لا تنتهي، لتُخلِّد ذكراها وقصتها وسنواتها التي عاشتها ورحلتها مع المرض والثورة و.
وبشجاعةٍ أدبية وأسلوبٍ رشيق راحت رضوى عاشور الكاتبة المصرية تحكي تفاصيل حياتها، سواءً العملية ككاتبةٍ وأستاذة للأدب الإنجليزي بجامعة عين شمس، أو الأسرية كأمٍّ وزوجة تدير شؤون بيتها وأسرتها، وتحكي حبَّها للفن والكتابة، والمواقف بينها وبين تلاميذها.
بدأت رضوى في كتابة تلك المقاطع من السيرة الذاتية وهي في الرابعة والستين من عمرها، وافتتحت الكتاب بقصة اسمها، الذي سمَّاه لها جدها تبرُّكًا باسم جبلٍ في المدينة المنورة كان مثالًا عند العرب للثبات والرسوخ، فيُقال “أثقل من رضوى”، ومن هنا جاء اسمها واسم الكتاب.

عاشوا في حياة أنيس منصور

من أثرى الكتب التي يمكن أن تمرَّ على القارئ، فكتاب (عاشوا في حياتي) لا يتحدث فقط عن حياة كاتبه الأديب والفليسوف ، بل يتحدث أيضًا عن كل من أثروا فيه من كُتَّابٍ وفلاسفة ومؤلفين من العرب والغرب.
لذلك، فهو وجبة دسمة غنية بمصادر الكتب في الأدب والفن، يبدأ فيه الكاتب بمقدمةٍ عن أبرز الكتب والأدباء الذين شكَّلوا فكره في مرحلة الطفولة والشباب، ومن بعدها يحكي طفولته وحفظه للقرآن، ومن ثمَّ يتناول في كل فصلٍ قصةً أو موقفًا مع أديبٍ أو فنانٍ قابله في حياته وتأثر به.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *