أشهر قصص السيرة الشعبية

على ألحان الربابة وأشعار الراوي كانت تُحكى أجمل قصص الأبطال والفرسان، أبو زيد الهلالي، وعنترة بن شدَّاد، والزير سالم. ومن جيلٍ إلى جيلٍ تناقلت ألسنة الأجداد تلك البطولات الملحمية من التراث العربي القديم والسيرة الشعبية، والتي قد يكون بعضها مُقتبَسًا ومأخوذًا بالفعل عن قصصٍ وأحداث واقعية، لكنها لا تخلو أيضًا من الخيال والمبالغة في وصف الأبطال، مما جعلها ببساطة رواياتها وأسلوبها من أجمل القصص في الأدب العربي، التي يتغنَّى بها الصغار والكبار.
ومن هنا، نُعيد حكاية أشهر قصص السيرة الشعبية في التراث العربي القديم.

السيرة الهلالية .. الملحمة الأشهر

من أشهر قصص السيرة الشعبية؛ فهي تحكي مرحلةً كبيرة في تاريخ بني هلال من ، الذين هاجروا إلى ، ثم نفاهم الفاطميون إلى صعيد مصر، وسمحوا لهم بعبور النيل ليتخلصوا منهم نهائيًّا؛ ومن ثمَّ، دارت المعارك الدامية بينهم واستمرت لقرون.
تُحكى السيرة الهلالية في خمسة كتبٍ فيها أحداث حقيقية وأخرى من الخيال الشعبي؛ ففي الكتاب الأول “خضرة الشريفة”، نجد تلك الفتاة التي تُعجَب بالأمير “أبو زيد الهلالي” وفروسيته وشجاعته، وهو سلامة بن رزق بن نايل جرامون بن هلال، بالرغم من الفارق الكبير في السنِّ بينهما. ويُكمل الكتاب الثاني “أبو زيد في أرض العلامات” سيرةَ أبو زيد في بلاد الرحلان ويحكي عن علوِّ شأنه هناك.
ومن بعدها يأتي الكتاب الثالث “مقتل السلطان سرحان”، يليه الكتاب الرابع “فرس جابر العقيلي”، الذي يتحدث عن شجاعة الفارس أبو زيد الهلالي واجتيازه الأهوال ليعود بفرسٍ شهير تحكي عنه الأجيال.
أما الكتاب الخامس “أبو زيد وعالية العقيلية”، فيُفصِّل كيف لتلك الأميرة عالية، التي أسرت الفارس بجمالها، أن كان لها دور كبير في هروبه بالفرس من القصر.
وهناك أيضًا قصص أخرى من السيرة الهلالية تأتي موازيةً لقصة الأمير “أبو زيد الهلالي”، مثل قصة أخته شيحة التي عُرِف عنها الدهاء والاحتيال، وسيرة الأمير ذياب بن غانم الهلالي، وغيرها من القصص البطولية التي تحكي عن بني هلال، ولا شك أن السير الشعبية من أمتع .
وكان الشاعر المصري عبد الرحمن الأبنودي من أشهر الشعراء الذين تغنُّوا بالسيرة الهلالية وكتبوا عنها.

قد يهمك هذا المقال:   مسلسلات بالفصحى لهواة الأدب

سيرة حمزة البهلوان .. وفتح بلاد فارس

حمزة البهلوان المعروف بحمزة العرب، فارس عربي خيالي من بلاد الحجاز، انتصر على الملك كسرى وفتَح بلاد فارس.
كانت قصته من أوائل قصص السيرة الشعبية في العالم العربي، وعلى الرغم من الشخصية الخيالية لحمزة البهلوان، إلا أنَّ السيرة الشعبية ضمَّت تأريخًا للإمبراطورية الإسلامية في أسلوبٍ روائي مشوِّق.
وتحكي السيرة الشعبية عن بطلٍ عربي وُلِد في ربوع مكة قبل الإسلام، وهو حمزة البهلوان، الذي خاض المعارك وحقَّق الانتصارات في الجزيرة العربية قبل ظهور الإسلام من اليمن جنوبًا حتى بلاد الرافدين شمالًا، وعن حلمٍ قديم للملك كسرى ملك فارس بأنَّ هناك فارسًا سيظهر من بلاد العرب يقتحم عليه قصره، وكان حمزة البهلوان هو ذلك الفارس الذي تنبأ به كسرى.
سيرة حمزة البهلوان سيرة شعبية عربية وفارسية، غير أنَّ هناك بعض الفروق بين النسختَين؛ ففي السيرة الفارسية تُسمَّى القصة “حمزة نامة” أو “قصة الأمير”، وفيها تتوالى انتصارات حمزة ليتعدى بلاد فارس إلى بلاد الشام والروم ومصر والحبشة و، ليُخلِّص هذه البلاد من الشرك بالله وينشر فيها الإسلام ويقيم إمبراطورية إسلامية.
أمَّا النسخة العربية ففيها “حمزة العرب” المولود بالجزيرة العربية، والذي حارب الفُرس وهزم ملكهم كسرى، وتظهر فيها القيَم العربية بالإضافة إلى الصراع والتعصب للقومية العربية ضد القومية الفارسية.
كان أول ظهورٍ لهذه القصة الشعبية في عام 1962 بالقاهرة في ستة مجلداتٍ تُعرَف بـ”قصة الأمير حمزة الشهير بحمزة العرب” من تأليف أبي الحسن علي بن الأثير الجزري.

سيرة الأميرة ذات الهمة

لم تكُن البطولة في قصص السيرة الشعبية حكرًا على الرجال فقط، ففي سيرة “ذات الهمة” كانت البطولات والانتصارات من نصيب الأميرة فاطمة، وهي أميرة فلسطينية من بلاد الحجاز، رفضها والدها “مظلوم بن الصحصاح بن جندبة” لكونها أنثى، ودفع بها إلى جبال بلاد الحجاز لتُربِّيها حاضنة لها تُسمَّى “الرباب”.
شبَّت الأميرة فاطمة -الملقبة بالأميرة ذات الهمة- على الحياة الخشنة بين الجبال، وسيرة جدِّها “الصحصاح” وبطولاته في المعارك، وركوب الخيل والفروسية، فأصبح خوض المعارك حبها الأول، حتى قادتها همتها إلى فتح القسطنطينية.
فمُنذ أن بلغت شبابها واتخذت من الجهاد سبيلًا، أغارت على القبائل وخاضت معاركها وسط الرجال بشجاعةٍ وفروسية، فانتصرت على إمبراطور الرومان، وقادت الجيوش العربية إلى القسطنطينية، وأصبحت ذات سعةٍ ونفوذ كبيرَين، لدرجة أن أخاف نفوذها هارون الرشيد فسجنها وولدها عبد الوهاب، لتهرب بعدها من السجن إلى معركة القسطنيطينة فتُجرَح وتموت من أثر جراحها.

قد يهمك هذا المقال:   أنواع الكتب

الزير سالم .. قصة الثأر

الزير سالم هو المهلهل بن ربيعة بن الحارس، أحد أقدم شعراء العرب، وأحد أشهر الأبطال في قصص السيرة الشعبية التي تعود إلى العصر الجاهلي، وهو خال امرئ القيس، وجدُّ عمرو بن كلثوم، كان في شبابه كثير اللهو مع النساء حتى لُقب بزير النساء.
وكان للزير سالم أخ يُدعى كليبًا، قُتِل في حرب البسوس، تلك الحرب الشهيرة التي قامت لأربعين عامًا بسبب قتل ناقة امرأة تُسمَّى “البسوس” في العصر الجاهلي، مما جعل الزير سالم يترك الخمر والنساء حتى يأخذ بثأر أخيه الذي رثاه في شعره قائلًا “كأني إذ نعى الناعي كُليبًا .. تطاير بين جنبيَّ الشرارُ، فدُرت وقد عشي بصري عليهِ .. كما دارت بشاربها العُقارُ”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *