أهمية القراءة وفوائدها

أهمية القراءة

أكثر ما يُميِّز القرن الواحد والعشرين هو الانفجار التكنولوجي الذي اكتسح كل مجالات الحياة، فقد أسهم التقدم العلمي في تطوير كل ما يتعلَّق بحاجات الإنسان وتلبيتها، مثل وسائل النقل و، والأهم من ذلك هو أنه كان عاملًا مهمًّا في القضاء على كل العراقيل التي كانت تُشكِّل حاجزًا بين الفرد والمعلومة.
فاليوم، وبفضل التكنولوجيا المتاحة، أصبح الإنسان قادرًا على توسيع مداركه وتنمية ثقافته وتطوير معارفه عن طريق البرامج الإذاعية والحصص التلفزيونية والفيديوهات التثقيفية المتوافرة على وتتجلى هنا ، وغيرها من الوسائل التعليمية التي حلَّت محلَّ قراءة معظم في حياة الكثير من الناس في أنحاء العالم كافة؛ ممَّا أدَّى بالأشخاص، الذين استبدلوا بالكتاب البدائل التعليمية والترفيهية الحديثة، إلى الإعتقاد بأنَّ هذه البدائل تستطيع القيام بدور الكتاب بشكلٍ كامل وبأنها تغني عنه كليًّا، وهذا اعتقاد خاطئ، فمهما تعدَّدت البدائل وأبدعت في توفير المعلومة وإيصالها، وأدَّت دورها في ملء وقت الفراغ بما يضطلع بالترفيه والتثقيف، فإنَّ القراءة تتفوَّق دائما بما تمتلكه من فوائد تتعدَّى تقديم المعلومة والترفيه.

مميِّزات القراءة

الجهد الفكري

عندما نقرأ، عادةً لا يكون تلقِّي المعلومة أمرًا مباشرًا، بل يحتاج استيعابها إلى الهضم الجيد من خلال التشريح الصبور للمادة المعرفية تشريحًا عميقًا، وذلك بتحليل الأفكار المطروحة، واستخلاص الغاية من الطرح، واستنباط العبرة من الشرح، فكأنَّما يحفر القارئ تحت سطح النَّص ويغوص في أعماق المحتوى ليستخرج منه الفائدة الثمينة.
وفي هذا السياق، يقول رائد الإسلامية علي عزت بيجوفيتش: “عند القراءة، فإنَّ المساهمة الشخصية ضرورية مثلما هو ضروري للنحلة العمل الداخلي والزمن، لكي تُحوِّل رحيق الأزهار المتجمِّع إلى عسل”.
ولا يقتصر تطبيق أسلوب (التشريح) على الكتب الفكرية الصعبة والمؤلَّفات الفلسفية المستعصية، بل يُتَّبَع هذا الأسلوب أيضًا عند قراءة القصص والروايات والأشعار، لأنَّ كلاسيكيات الأدب العالمي كثيرًا ما تتناول قضايا أخلاقية واجتماعية مهمة في ثوبٍ درامي شائق.
يقول الكاتب الشهير ألبرتو ماغويل متحدثًا عن الطريقة المثلى لقراءة و: “القارئ المثالي هو المترجم القادر على تشريح النص، وسلخ الجلد، وتقطيع اللُّب إلى شرائح، متابعًا كل شريانٍ وكل وريد، ومن ثمَّ يوقف كائنًا واعيًا جديدًا بالكامل على قدمَيه”.

قد يهمك هذا المقال:   الضمائر وانواعها

عمق التجربة المعرفية

تُعدُّ القراءة الوسيلة الوحيدة التي تمنح التجربة المعرفية عمقًا وصلابة، فالوسائل الأخرى لا تستطيع التوغُّل في الموضوعات التي تتناولها بالعمق المطلوب، لأنَّ هذا سيستغرق وقتًا طويلًا يخرج عن الإطار المسموح به لفيلمٍ وثائقي أو حصةٍ إذاعية، فتكتفي هذه الوسائل بتقديم معلوماتٍ سطحية، أما الكتاب فلا يخضع لأيِّ قيودٍ فيما يخصُّ عدد الصفحات، وهذا يمنح الكاتب الحرية الكاملة في معالجة الموضوعات من كل الجوانب الممكنة ومناقشة كل الأفكار وتقديم البراهين اللازمة لتعليلها، ممَّا يُكسب القارئ وعيًا كبيرًا بالمسألة المُعالَجة، ويُعلِّمه الطريقة الصحيحة لدراسة الأطروحات وتحليل المواقف واستخلاص النتائج، فتكون الفائدة من قراءة كتابٍ جيد واحد عظيمةً وكافية، هذا إلى جانب تنوع مستويات القراءة وأنواعها ويأتي كل هذا إلى جانب توافر الكتاب الإلكتروني وكذلك و القادرة على تشغيله، أي أن أهمية القراءة وفوائدها أصبحت للجميع وعلى الجميع.

فوائد القراءة

عقل نشيط وذاكرة أفضل

إن كانت التمارين الرياضية ضروريةً للحفاظ على صحة جسم الإنسان وسلامته، فإنَّ القراءة تُعدُّ تمرينًا ممتازًا للمحافظة على صحة العقل؛ فالقراءة تقتضي القيام بمجهودٍ ذهني يعمل على تنشيط العقل وإعماله بشكلٍ أفضل، وهي تُعدُّ تدريبًا له لتحسين مردوده.
كما أثبتت الدراسات أن الأشخاص الذين يقرؤون دائمًا أو يلعبون الشطرنج أو يمارسون نشاطًا ذهنيًّا يكونون أقل عرضةً للإصابة بأمراض الذاكرة مثل الزهايمر.

التخلُّص من القلق

هناك الكثير من الأبحاث العلمية التي تفيد بأنَّ القراءة تسهم في اقتلاع الإنسان من دوامة المشكلات اليومية، وبهذا تُقلِّل من إصابته بالقلق والاكتئاب، لأنَّ الكتب تُقحم قارئها في عوالم بعيدة عن واقعه الذي يعيشه، وتدخله في غمار مغامراتٍ وحكايات شائقة تساعده على تناسي جزءٍ من يومياته، وتُمكِّنه من الاستمتاع بوقته، وترفع من معنوياته، وتُمدُّه بنَفَسٍ جديد ليتمكَّن من مواجهة مشكلات الحياة.

قد يهمك هذا المقال:   الكتابة الادبية

محاربة الأرق

استعمال الأجهزة الإلكترونية قبل النوم يُقوِّي احتمال الإصابة بالأرق، ويُؤخِّر وقت الخلود إلى النوم، لأنَّ الضوء المنبعث من شاشات هذه الأجهزة يُنبِّه المخَّ أن الإنسان يؤدي نشاطًا ما، ومن ثمَّ فعليه أن يبقى متيقظًا، ولهذا ينصح المختصُّون بالابتعاد عن هذه الأجهزة قبل النوم وتعويضها بالقراءة؛ إذ إن هواة القراءة الذين عوَّدوا أنفسهم على القراءة قبل النوم في غرفةٍ ذات ضوءٍ باهت، يقفلون باب المخاوف الشخصية والهواجس المربكة، ويغرقون في عوالم بعيدة تُهدِّئ نفسيَّاتهم وتجعل الخلود إلى النوم أسهل.

التثقيف والترفيه

تتجلى في أن قراءة الكتب تفتح أمام الإنسان أبوابًا واسعة نحو عوالم من المعلومات والقصص والحقائق التي تغطِّي كل مجالات الحياة، فهناك عدد لا يُحصى من الكتب في علم الفلك والطب والتاريخ والسياسة والبيئة والسينما والأدب والفلسفة وغيرها. وهذه الكتب لا تكون مُوجَّهةً إلى دارسي هذه الاختصاصات في الجامعة، بل للإنسان الذي يريد توسيع مداركه وإثراء معارفه.
بالإضافة إلى أن هناك ملايين القصص والروايات العالمية والمحلية التي من شأنها أن تثير اهتمام القارئ وتستهويه، وتُمكِّنه من قضاء وقتٍ ممتع في عوالم جديدة تمامًا أو في حقبٍ زمنية بعيدة أو في أماكن جغرافية نائية لم يكُن ليعرف عنها شيئًا سوى عبر صفحات الكتاب.
يقول عباس محمود العقاد: “فكرتك أنت فكرة واحدة.. شعورك أنت شعور واحد.. خيالك أنت خيال فرد إذا قصرته عليك، ولكنك إذا لاقيت بفكرتك فكرةً أخرى، أو لاقيت بشعورك شعورًا آخر، أو لاقيت بخيالك خيال غيرك.. فليس قصارى الأمر أن الفكرة تصبح فكرتَين، أو أن الشعور يصبح شعورَين، أو أن الخيال يصبح خيالَين، كلا.. وإنما تصبح الفكرة بهذا التلاقي مئاتٍ من الفِكَر في القوة والعمق والامتداد”.

تقوية الشعور بالتعاطف مع الآخرين

قراءة القصص الخيالية تساعد الناس على التعرُّف على شخصياتٍ تختلف عنهم وأنماط تفكيرٍ جديدة عمَّا اعتادوا عليه، ممَّا يجعلهم أكثر قدرةً على قبول الاختلاف وتفهُّم الآخرين والتعاطف معهم.

قد يهمك هذا المقال:   بحث عن مهارات الكتابة

إثراء القاموس اللغوي الشخصي

ليس هناك طريقة أفضل من القراءة عندما يتعلَّق الأمر بإثراء الرصيد اللغوي للأفراد؛ لأنَّ الإنسان عندما يقرأ، فإنه كثيرًا ما يصطدم بمفرداتٍ جديدة، فيبحث عن معانيها باستعمال القاموس، لتُصبح بعدها من مكتسباته اللغوية الجاهزة للاستعمال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *