النقود عبر التاريخ

ما النقود؟

كان المال -وما زال- جزءًا لا يتجزَّأ من تاريخنا البشري، و في العموم هو أي شيءٍ له قيمة ويُمكن استبداله بالسلع والخدمات، شرط أن يكون ذلك الشيء مقبولًا ومتعارفًا عليه بشكلٍ مُوحَّد في بقعةٍ إقليمية واحدة.
وللنقود تاريخ كبير ممتد عبر مئات السنين، بدايةً من المقايضة، ومرورًا بصكِّ العملات وتقنينها، ووصولًا إلى ، وهو ما يدفعنا، في الفقرات التالية، إلى الحديث عن العملات الرسمية المُعتمَدة.

تاريخ النقود

بداية النقود

بالعودة إلى الماضي، سنجد أن البشر استخدموا الطعام والخدمات والأشياء ذات الأهمية للمبادلة، وكانت تلك المبادلة غالبًا مقابل طعامٍ آخر أو خدماتٍ أخرى، مثل أن أعطيك رمحًا حجريًّا مقابل أن تساعدني في اصطياد بعض الغزلان، وكانت تُعرَف بذلك الأمر من قرابة 1100 عام.

النقود المعدنية

مع مرور الوقت واكتشاف المعادن النفيسة، صنعنا -نحن البشر- العملات المعدنية منها لتُصبح هي المسيطرة؛ ففي عام 600 قبل الميلاد تقريبًا، أمر ملك (ليديا) بصكِّ أول عملةٍ في التاريخ، وكانت مصنوعةً من مزيج الذهب والفضة، وبينما كانت ليديا تسيطر على أمر العملات المعدنية، أتت الصين إلينا بشيءٍ جديد من خلال ابتكار العملات الورقية.

انتشار النقود الورقية

مع اختراع الصين للعملات الورقية، وسيطرة على سوق العملات المعدنية آنذاك عبر استحواذها على المعادن الثمينة التي تستخرجها من مستعمراتها في الدول الأخرى، بدأت الحاجة إلى إيجاد وسيلةٍ تتيح للمقرضين حمل النقود إلى البنوك، إذ شكَّل حمل كمياتٍ كبيرة من الذهب والفضة عبءًا كبيرًا بسبب ثقل وزنها واستغراقها أيامًا عديدة للشحن بين الدول، وبحلول عام 1600، أصدرت البنوك الأوروبية أولى عملاتها الورقية كي تُسهِّل الأمر.

قد يهمك هذا المقال:   عملة فرنسا

ظهور سندات الإدانة

امتلكت أوروبا أيضًا في تلك الفترة -القرن السابع عشر- أول السندات في تاريخ البشرية وصنعتها، وذلك عندما طلب البنك الفرنسي أن يحصل على الذهب الخاص به من أمريكا، وكان الأمر سيستغرق فترةً كبيرة لنقلها إلى أوروبا، بالإضافة إلى أن الكمية كانت كبيرة.
هنا، أتت تلك الفكرة الخرافية عندما كتب أحد الأشخاص في البنك الأمريكي ورقةً –أصبحت سند إدانةٍ بعد ذلك– تحمل جملة “هذا الذهب ملك لفرنسا”، ومن ثمَّ أُرسِلت تلك الورقة إلى فرنسا، كي تستطيع تبادلها بعد ذلك دون أن يتحرك الذهب من مكانه بأمريكا!
وكانت تلك الخطوة أحد الإنجازات البشرية في عالم الأموال؛ فأدَّت إلى إنعاش من خلال تيسير التجارة بين الدول، إذ لم تعُد هناك أية حاجةٍ إلى نقل الأموال ما دام يمكن لأحدهم أن يكتب سند إدانةٍ لك، كي تستخدمه بعد ذلك بدلًا من النقود.

حرب النقود

تكوين الجيوش

للنقود أهمية كبيرة؛ فقد أسهمت في تغيير مجرى التاريخ عدة مرات، ولعبت أدوارًا كثيرة في حشد الجيوش وتجهيزها، ممَّا دفع الملوك إلى التلاعب بالمعادن النفيسة ومُحاولة السيطرة على أكبر قدرٍ منها لتكوين جيوشٍ أقوى.
وبحلول القرن السابع عشر، أصرَّت إنجلترا على السيطرة على أكبر قدرٍ ممكن من المستعمرات في العالم؛ فوصلت إلى وأمريكا والكثير من الدول الأخرى، وفرضت عليهم أن يتعاملوا بالنقود الخاصة بها، وبذلك تحققت لها السيطرة الاقتصادية على تلك الدول.

استقلال العملات

استمر الأمر على ذلك المنوال حتى اندلعت الثورة بين أمريكا أوروبا عام 1775، لتُطالب المستعمرات الأمريكية باستقلالها وأحقيَّتها في صكِّ العملات الخاصة بها، وقد نجح الأمر في النهاية خلال 50 عامًا كاملة من محاولات إخراج العملات الأجنبية والاعتماد على العملات المحلية.

قد يهمك هذا المقال:   ما هي العملات الرقمية

نظرة على عالم العملات اليوم

كيف تُحدَّد قيمة العملات؟

نتيجة انتشار العملات والتعامل بها في أرجاء العالم، ظهرت الحاجة إلى وضع قيمةٍ نسبية لتلك النقود بهدف تقدير قيمتها بالنسبة إلى العملات الأخرى، ممَّا أدى إلى اللجوء لطرفٍ ثالث يحدد تلك النسبة.
وللتوضيح أكثر، لنفترض أن هناك عملة (أ) وعملة (ب)، ولكلِّ عملةٍ منهما قيمتها المحددة في الإقليم الخاص بها، الآن، كيف نحدد قيمة العملة (أ) بالنسبة إلى مثيلتها (ب) عالميًّا؟
هنا ظهرت الحاجة إلى طرفٍ إضافي وهو الذهب، وكانت القيمة تُحدَّد حينها من خلال مخزون الذهب الذي تمتلكه كل دولة، وكلما زاد مخزون الذهب هذا لدى دولةٍ ما زادت قيمة عملتها مقابل العملات الأخرى.

سيطرة الدولار

بما أن كمية الذهب في العالم محدودة، ظهرت الحاجة إلى البحث عن معيارٍ آخر تعود إليه العملات لتحديد قيمتها، وهنا خرج الأمريكي إلينا عام 1971 كي يسيطر على ذلك المعيار، ويُصبح تحديد قيمة كل عملةٍ مرتبط بالمخزون النقدي الذي تملكه الدول من الدولارات، ويرجع ذلك إلى ازدهار الاقتصاد الأمريكي، ومن ثمَّ ازدهار الدولار الأمريكي.
وبعد الأزمة العالمية عام 2008 في أمريكا وحدوث تضخم الدولار، الذي أدى بدوره إلى انهيار معظم الاقتصادات الأخرى، بدأت بعض العملات الأجنبية في المنافسة، مثل الينِّ الياباني واليورو، ليُوفِّروا علينا عناء المرور بأزمةٍ اقتصادية في المستقبل.

المراجع

  1. The History Of Money: From Barter To Banknotes
  2. The Importance of Paper Money
  3. تاريخ المال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *