انفصال الذهب عن الدولار

نبذة عن تاريخ العملات

للعملات تاريخ حافل بالإثارة والأفكار الخلابة، بدايةً بصكِّها من المعادن النفيسة، ووصولًا إلى تحويلها ، بل وحتى أكوادٍ مشفرة.
خلال تلك الفترة مررنا بتغيُّراتٍ لا بأس بها وأخطاءٍ كادت أن تؤدي بنا إلى حافة الهاوية الاقتصادية، لكن -وفي كل مرة- استطعنا أن نجري تعديلاتٍ ونسنَّ قوانين جديدة تتيح لنا الفرصة لتدارك تلك الأخطاء وإنعاش الاقتصاد من جديد، وأحد تلك التغييرات إلغاء الاعتماد على الذهب، واستبداله بالدولار الأمريكي.
حسنًا، إن لم تكُن تعلم ما نتحدث عنه بعد، فإليك القصة من البداية.

كيف تُحدَّد قيمة العملة؟

لكلٍّ عملةٍ قيمةٌ شرائية في إقليمها الذي يتعامل بها، وقيمةٌ تبادلية عالمية تتيح استبدالها بالعملات الأخرى، وغالبًا ما تكون تلك القيم مؤشر على الاقتصاد؛ ما دام الأمر ارتبط بالاستيراد والتصدير.
لكن كيف تُحدَّد قيمة العملة؟

التحديد بقيمة الذهب

بدأ الأمر عندما أرادت الدول الأوروبية الاستيراد والتصدير بواسطة العملات، ونتيجةً لاختلاف عملة كل إقليمٍ عن الآخر، كان لا بد من إيجاد شيءٍ مُوحَّد يمكنهم استخدامه كوسيلة دفعٍ خارجية، وهنا ظهر الذهب، إذ إن ذلك المعدن النفيس والنادر كان أول ما استولى على ساحة الاقتصاد العالمي عام 1821، عندما أطلقت المملكة المتحدة الغطاء الذهبي.

الغطاء الذهبي

الغطاء الذهبي ببساطةٍ هو نظام مالي يُستعمَل فيه الذهب كمرجعٍ لتحديد قيمة العملة النقدية، وكلما امتلكت الكثير من الذهب كانت قيمة عملتك أكبر، وبما أن كمية الذهب محدودة في العالم، فالغلبة سوف تكون لمن يمتلك أكبر قدرٍ منه.

السبائك الذهبية

بعدما توجه العالم إلى استخدام نظام الغطاء الذهبي لتحديد قيمة العملات، ظهرت الحاجة إلى إيجاد طريقة تبادلٍ خارجية بين الدول تكون مرتبطةً بنظام الغطاء الذهبي، وهنا ظهرت السبائك الذهبية في بريطانيا عام 1935، كي تتيح الحرية للأفراد والتجار باستخدام تلك السبائك الذهبة لتسوية المعاملات الخارجية، وكان لكلِّ شخصٍ حينها الحق في تحويل أمواله إليها.
واستمر الأمر على ذلك الحال، حتى خرَّبه البشر -كالعادة- باكتناز تلك السبائك الذهبية، والبدء في تسريبها إلى بعضهم، ممَّا أدى إلى تدهور النظام القائم وظهور الحاجة إلى البحث عن بدائل أخرى.

قد يهمك هذا المقال:   ما هي عملة دبي

قانون بريتون وودز

بحلول عام 1944، أي بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، أُقيم مؤتمر (بريتون وودز) كي يضم ممثلين لـ44 دولةً حول العالم، بهدف النقاش في شأن الاقتصاد العالمي، ووضع الخطط التي تضمن استقراره، وأنشأوا صندوق النقد الدولي، وأطلقوا نظام ثبات الصرف الأجنبي الذي يتيح تحديد قيمة العملة بالنسبة إلى الذهب أو الدولار.
وقد كانت تلك هي الضربة الأولى للذهب، وهي ما أخلَّ بهيمنته على منضدة الاقتصاد طوال سنوات، حتى أتت الضربة الموجعة الأخرى.

صدمة نيكسون

تُعرَف صدمة نيكسون بأنها سلسلة من القوانين الاقتصادية التي أقرَّها الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون عام 1971، وقد كان أحدها هو إيقاف التحويل الدولي من الدولار الأمريكي إلى الذهب، وهو ما أطاح به من على المنضدة تمامًا.
وقد كان إقرار هذه القوانين نتيجة مواجهة أمريكا انهيارًا اقتصاديًّا وصلت به نسبة البطالة إلى 6%، وبلغ معدل التضخم نحو 5.84%، ونتيجةً لذلك أصدرت الحكومة الأمريكية هذا القرار لمدة 90 يومًا بهدف مكافحة آثار التضخم، الذي نتج من تسارع دول العالم بشراء الدولار بهدف تعزيز قيمة عملاتها.

الاستقلال عن الذهب

بمجرد أن بدأت أمريكا طبع الدولار خارج نطاق الذهب، ظهرت توجهات عالمية جديدة تطالب الحكومات بتحديد قيمة العملة بحرية، وهنا انقسم الأمر إلى عدة أنظمةٍ كالتالي:

  1. أن تحدد الدول قيمة عملتها وفق قيمة الدولار
    وهو ما تتبعه الكثير من دول العالم، من خلال ربط قيمة العملة بمخزون النقد الذي تمتلكه من الدولار، وكلما زاد ذلك المخزون ارتفعت قيمة العملة.
  2. أن تحدد الدولة قيمة عملتها بأكثر من عملة
    ويتم ذلك من خلال ربط الدول قيمة عملتها بأكثر من عملةٍ مختلفة، بهدف الحفاظ على اقتصادها من الانهيار في حال انهارت إحدى تلك العملات.
  3. أن تحدد الدول قيمة عملتها طبقًا للعرض والطلب (التعويم)
    استخدمت بعض الدول نظامًا ثالثًا أكثر حريةً من النظامَين الآخرَين، وهو الاعتماد على سوق التبادل المالي، فلكلِّ عملةٍ حجم من العرض والطلب، وكلما زاد الطلب زادت قيمة العملة، وكلما قلَّ الطلب قلَّت قيمة العملة.
قد يهمك هذا المقال:   ما عملة تركيا

المراجع

Nixon Ends Convertibility of US Dollars to Gold

President Nixon Closes the Gold Window

مقال: تفرّد الدولار و إلغاء الذهب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *