التعريف بتلوث البيئة
يعرف بأنه إدخال المواد (الملوِّثات) التي يمكن أن تسبب ضررًا للإنسان، الحيوان، النبات، إلى البيئة الطبيعية، وكذلك إدخال أي صورة أو نوع من أنواع الطاقة إلى البيئة الطبيعية بشكل يؤدي إلى الإخلال بالنظم البيئية الطبيعية. توجد عدة أنواع من الملوِّثات البيئية، وكذلك أنواع عديدة للتلوث، لكن بشكل عام، وعلى النطاق العالمي، تعتبر أنواع تلوث البيئة الأساسية هي تلوّث الهواء، الماء، الأرض والتربة، التلوث الضوئي والتلوث الضوضائي. يُعد تلوث البيئة أحد أهم وأكبر المشكلات التي يواجهها البشر في العصر الحديث. إذ منذ بداية عهد الإنسان مع الآلة وتسخير الطاقة والتحكم فيها، منذ بداية الثورة الصناعية؛ تزداد الملوِّثات الداخلة في النظم البيئية بوتيرة متسارعة، وهو ما يعني زيادة الأضرار الناتجة عن تلوث البيئة، وتعجيل الكوارث الطبيعية.
أضرار تلوث البيئة
تتمثّل المشكلة الرئيسة لزيادة ومراكمة الأضرار البيئية الناتجة عن التلوث، في صعوبة معالجة وإصلاح البيئة الطبيعية. إذ أن المزيد من الأضرار تعني زيادة صعوبة إيجاد حلول لتلوث البيئة، إلى حدٍ يصل في بعض الأحيان إلى عدم إمكان إعادة البيئة إلى المستوى الذي كانت عليه قبل بداية الثورة الصناعية، مثلما هي الحال في تلوث الغلاف الجوي ومشكلة الاحتباس الحراري وتغير المناخ. مع ذلك، اتخاذ خطوات عملية للحد من البيئة أو لمعالجتها يمكن أن يساهم بشكل كبير في تخفيف الآثار المترتبة على تلوث البيئة.
أسباب تلوث البيئة
تساهم أسباب عديدة في تلوث البيئة، ويمكن أن تختلف أسباب تلوث البيئة عن بعضها إلى حد يجعلها تتشارك صفات أو خصائص قليلة بين بعضها بعضًا، وذلك لأن أسباب تلوث البيئة تختلف تبعًا لنوع التلوث، أي باختلاف نوع التلوث تختلف أسباب التلوث. مع ذلك، بعض أسباب التلوث هي الأكثر تأثيرًا على النظم البيئية عمومًا، من هذه الأسباب:
- عوادم المركبات : منذ بداية استخدام الإنسان للمركبات مثل السيارات، الشاحنات، الطائرات، السفن وغيرها، تُساهم عوادم هذه المركبات بشكل كبير في تلوث والبيئة. لكن لأن آثار هذه الملوِّثات لم تكن ملحوظة أو مرصودة بعناية منذ البداية، تراكمت حتّى أصبحت تمثّل أحد أكبر المشكلات والأسباب المساهمة في زيادة تلوّث البيئة.
- انبعاثات الوقود الأحفوري : ساهمت المركبات، المصانع ومحطات الطاقة التي تعتمد على الوقود الأحفوري (مثل الفحم والبترول) في زيادة، بل وانتاج “الضبخان” أو الضباب الدخاني، الذي ينتج عن تفاعل أشعة الشمس الحرارة مع نواتج احتراق الوقود الأحفوري. والذي بدوره يؤدّي إلى تكوّن غاز سام (ضبخان الأوزون) يمكن أن يغطي مساحة كبيرة ويسبب أضرار صحيّة على البشر وبعض الكائنات الأخرى. في الواقع، عانت مدن عديدة في مختلف أنحاء العالم من تأثير الضبخان، مثل لندن في انجلترا، نيويورك في الولايات المتحدة، في مصر، أثينا في اليونان، هونج كونغ وبكين في الصين، وغيرهم مدن أخرى عديدة.
- ثاني أكسيد الكربون : غير المواد الكيميائية الأخرى الناتجة عن عوادم المركبات وانبعاثات الوقود الأحفوري، يعتبر غاز ثاني أكسيد الكربون من أهم الأسباب الملوّثة للغلاف الجوي والهواء، وهو ناتج عن ملوِّث مشترك بين جميع السيارات والمركبات على الأرض، وكذلك محطات الطاقة والمصانع. وبالإضافة إلى ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي التي هي مشكلة بحد ذاتها، أدّى حرق الغابات وقطع الأشجار من الغابات إلى حد تجريدها، إلى تفاقم مشكلة الاحتباس الحراري والتغير المناخي، إذ تعتبر الأشجار من الدفاعات الطبيعية الرئيسة ضد ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون، لأنها تعتبر مخزن طبيعي للكربون.
- مخلّفات المصانع والنفايات: تتخلّص مصانع عديدة من نفاياتها بإلقائها في الأنهار أو البحيرات والبرك، والتي تكون في الكثير من الأحيان مواد كيميائية، مما يؤدي إلى تلوث المياه المستخدمة في الري. وبالتالي تساهم في تلويث المحاصيل بالمواد الكيميائية وأنواع مختلفة من البكتيريا والكائنات الحية الدقيقة، مما يؤدي إلى تفشي الأمراض وتعريض حياة البشر والكائنات الحية الأخرى للخطر. كذلك، حتّى عندما يتم التخلّص من ومخلفات المصانع في المياه المالحة، أي عند إلقائها في البحار مثلًا، فإنها تؤثر بالسلب على الكائنات الحية التي تعيش في البحار.
أدى تعدد مصادر الملوَّثات البيئية وانتشارها الواسع، وتراكمها على مدار الزمن دون اتخاذ أي اجراءات عملية لإيقاف تزايد تلوث البيئة، إلى وجود مشكلات عصيّة الحل، وهو ما تتطلب ايجاد عدّة حلول ليس لحل المشكلات جميعها، إنما على الأقل للحد من تفاقمها، بحيث تساهم الحلول المقترحة مجتمعة في تحقيق هذا الغرض، إلى حين اكتشاف سبل أو حلول أخرى. تتضمّن أهم الحلول المقترحة ايجاد وسائل للتحكم في عوادم المركبات وانبعاثات الوقود الحفري، زيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ايجاد وسائل آمنة لاستخدام الطاقة النووية أو الحد منها، تحسين تقنية الأجهزة الإلكترونية التي تبعث اشعاعات كهرومغناطيسية للحد من هذه الاشعاعات.
التحكم في عوادم المركبات وانبعاثات الوقود الحفري
يمكن الحد من عوادم المركبات وانبعاثات الوقود الحفري والتحكم فيها بطرق متنوعة، من خلال تعديل أو تغيير وسائل الطاقة التي تعتمد عليها المركبات، أو تقليل عدد المركبات المستخدمة. إذ أن استخدام السيارات والمركبات التي تعتمد على الطاقة الكهربائية بدلًا المركبات التي تعتمد على الوقود الحفري سيؤدي إلى تقليل انبعاثات الوقود الحفري وعوادم المركبات تدريجيًّا مع ازدياد أعداد المركبات التي تعتمد على الطاقة الكهربائية مثلًا. كذلك استخدام مركبات تعتمد على الطاقة الكهربائية والوقود الحفري معًا، سيؤدي إلى تخفيض انبعاثات الوقود الحفري التي تسببها المركبات. بشكل عام، استخدام وسائل بديلة، أو وسائل مدمجة أو إضافية لتزويد المركبات بالطاقة، ستساعد على الحد من تقليل تلوث البيئة. أيضًا، تنظيم وتحسين جودة المواصلات العامة ستساعد على تقليل أعداد السيارات والمركبات الخاصة المستخدمة، وهو ما يساعد على الحد من انبعاثات الوقود الحفري وعوادم السيارات.
الاعتماد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح
تعتبر الطاقة الشمسية أحد أفضل الاختيارات التي يمكن التعويل عليها بدلًا من الوقود الحفري والمحطات النووية، إذ يمكن استخدام الطاقة الشمسية لتزويد أكبر المدن بالطاقة اللازمة للاستخدامات المنزلية واستخدامات المصانع وغيرها. توجد أنظمة عديدة لاستخدام الطاقة الشمسية، مثل الخلايا والألواح الشمسية، وأنظمة المرايا العاكسة التي تعمل على تركيز أشعة الشمس على نقطة محددة أو عامود بطرق محددة، ليتم تبخير الماء في النهاية وتوليد الطاقة الكهربائية. وباستخدام الطاقة الشمسية جنبًا إلى جنب مع طاقة الرياح عن طريق بناء توربينات مرتفعة، يمكن الاستغناء إلى حدٍ كبير عن الوقود الحفري. وبالإضافة إلى أن استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح يساعد بشكل كبير على توليد طاقة نظيفة وصديقة للبيئة، يتم تطوير تقنيات الطاقة الشمسية لتصبح ذات تكلفة أقل من الوقود الحفري.
تطوير استخدام الطاقة النووية
على الرغم من انخفاض تكلفة بناء المحطات النووية مع التقدم العلمي والتقني، ما زال استخدام الطاقة النووية يمثّل خطورة على البشر والكائنات الحية الأخرى. إذ أن مشكلة تسرّب الإشعاعات النووية المسببة للسرطانات والملوِّثة للمحيطات ما زالت قائمة. فضلًا عن الإشعاعات الموجودة والمؤثرة بالفعل على المحيطات وعلى مناطق عديدة في العالم بسبب التجارب النووية والتسرب الإشعاعي. مع ذلك، يمكن أن توفّر الطاقة النووية مقدار كبير من الطاقة يساهم بشكل كبير في الحد من تلوث البيئة. لكن، في ظل الخطورة الحالية الناتجة عن المستوى التقني الحالي في بناء المحطات النووية، لا يمكن التعويل على الطاقة النووية بشكل كبير. لذلك، يتم البحث عن إيجاد وسائل فعّالة تضمن زيادة الحماية لمنع تسرّب الاشعاعات النووية.
الحد من الإشعاعات الكهرومغناطيسية
كنتيجة عرضية للتقدم التقني والتكنولوجي في العصر الحديث، تزداد الإشعاعات الكهرومغناطيسية المنبعثة من شاشات الأجهزة الإلكترونية ومصابيح الإضاءة بشكل كبير. وهو ما يؤثر على أدمغة وصحّة البشر من ناحية، ويساهم في زيادة التلوث الضوئي بشكل كبير من ناحية أخرى. فضلًا عن تأثيره السلبي على بعض الأنظمة البيئية. لذلك، بدأت الشركات المصنعة للأجهزة الإلكترونية بالذات في تنفيذ بروتوكولات لتقليل مخاطر استخدامات الأجهزة (من ناحية الاشعاع الكهرومغناطيسي) والحد من تأثيرها السلبي على البيئة.