زويل الذي لا نعرفه

عندما حصل الكاتب الكبير نجيب محفوظ على جائزة في الأدب، حدثت ضجةٌ بين أوساط العامة والبسطاء في مصر فرحةً به، وتحدَّث المصريون عندها أنَّ هناك شخصًا آخر يستحقها أيضًا من بعد الأديب الكبير، ألا وهو الدكتور أحمد زويل.

الدكتور أحمد زويل باحث مصري، أصبح أستاذًا في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا بعد حصوله على الماجستير من جامعة الإسكندرية ثم الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا. وعلى الرغم من عدم معرفة هؤلاء المصريين البسطاء بطبيعة ما يفعله ذلك العالم، إلا أنهم كانوا ينتظرون خبر حصوله على جائزة نوبل بفارغ الصبر. وبالفعل، لم يُخيِّب الدكتور زويل عالم الفمتوثانية أملهم، وحصل على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999، ليكون أحد أعظم الكيميائيين في القرن العشرين.

وعلى الرغم من معرفة أغلبنا بالدكتور أحمد زويل ودراستنا لحياته وكفاحه، إلا أنَّ هناك بعض اللمحات الغائبة عنَّا من طفولته وحياته الشخصية، نستعرضها معًا في السطور التالية:

خطابه إلى الرئاسة .. وردٌّ يُنبِّئه بمستقبل مبهر

في عمر العاشرة أرسل الطفل الذكي ذو الحس الوطني أحمد زويل خطابًا إلى رئيس بلاده آنذاك جمال عبد الناصر، يدعو له بالتوفيق في قيادته للبلاد. وبعدها في يناير عام 1956 تلقَّى ذلك الطفل النبيه رسالةً من الرئيس الراحل يشكره على خطابه، ويتنبأ له فيها بمستقبلٍ عظيم.

وجاء في الرسالة: “ولدي العزيز أحمد، تلقيت رسالتك الرقيقة المعبرة عن شعورك النبيل، فكان لها أجمل الأثر في نفسي. وأدعو الله أن يحفظكم لتكونوا عدة الوطن في مستقبله الزاهر. وأوصيكم بالمثابرة على تحصيل العلم مسلَّحين بالأخلاق الكريمة، لتُساهموا في بناء مصر الخالدة في ظل الحرية والمجد”.

قد يهمك هذا المقال:   رحلة الكتاب الالكتروني

حفلات أم كلثوم بهجته

من منَّا لا يعشق أم كلثوم! كانت حفلات أم كلثوم السبب الرئيسي لبهجة الدكتور أحمد زويل في طفولته، ورحلته للترويح عن نفسه، يصطحبه خاله إليها من دمنهور للقاهرة. فقد كان الصبي ذو الأعوام الثلاثة عشر، والذي كان يُقيم في مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة، من عشَّاق كوكب الشرق، وصوتها دائمًا هو الخلفية الموسيقية لغرفته خلال مذاكرته وخلال عمله فيما بعد، بل كان يعرف أيضًا كل تفاصيل أغانيها بالألحان والكلمات.

لقاءات العلم والأدب

ليس هناك أجمل من لقاءٍ يجتمع فيه العلم بالأدب. كان الدكتور أحمد زويل يجتمع بالأديب العظيم نجيب محفوظ على ضفاف النيل في لقاءاتٍ مشتركة بدأت منذ عام 1988، ومن بعدها توالت هذه الاجتماعات الثريَّة والقيِّمة. وعندما نال زويل جائزة نوبل كانت فرحة المصريين البسطاء والعلماء منهم عارمة، فأرسل خطابًا إلى نجيب محفوظ فحواه: “إنني أفهم أن يلتفَّ الناس حولك، ويحتفوا بك؛ فأدبك معروف وسهل الفهم، ومن ثمَّ تقديرهم لك يأتي من ووعي، ولكني أندهش من هؤلاء الذين يتركون ما بأيديهم من عمَّال نظافة ومقاهٍ ومارَّة في الطريق ويأتون لتحيتي.. إنهم لا يعرفون ماذا فعلت، ولكنَّهم يُقدِّرون!”.

كانت هذه الرسالة التي كتبها الدكتور أحمد زويل تشبه ما قاله العالم ألبرت أينشتاين للفنان الشهير شارلي شابلن ذات يومٍ. فقد تزاحم الناس على الاثنين وهما يقفان معًا في أحد شوارع هوليوود، حينها التفت أينشتاين إلى شابلن قائلًا: “لقد تجمَّع الناس لينظروا إلى عبقري يفهمونه تمام الفهم وهو أنت، وعبقري لا يفهمون من أمره شيئًا وهو أنا”.

مدينة زويل .. مشروع ما قبل الثورة

(مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا) هي مدينة أنشأها الدكتور أحمد زويل لتكون مشروعه العلمي في مصر. وعلى الرغم من عدم انتشار اسم ذلك المشروع الضخم إلا بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، إلا أنَّ بداية الفكرة كانت منذ أواخر التسعينيات، إذ كان الدكتور زويل يسعى إلى إقامة مشروعه العلمي في مصر منذ أيام الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك، الذي التقاه في التسعينيات وشرح له هذا المشروع.

قد يهمك هذا المقال:   انيس منصور و الرفاق

ووفقًا لما رواه الكاتب لطفي الخولي في صحيفة الأهرام، فإنَّ الرئيس مبارك آنذاك رحَّب بالفكرة، وحرص على تكرار اللقاءات بينه وبين الدكتور زويل أكثر من مرة. ولكنَّ التعقيدات والتأجيلات حاصرت المشروع، حتى تمَّ إحياؤه مرةً أخرى بمرسومٍ في عام 2011 عقب ثورة 25 يناير، طبقًا لما جاء في كتاب (عصر العلم)، وهو لحياة الدكتور أحمد زويل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *