عباس العقاد

في صعيد ، تحديدًا في مدينة أسوان، وُلِد يوم الجمعة الموافق 28 من يونيو لعام 1889، لأسرةٍ كريمة، ينحدر والده من محافظة دمياط، أما جده فكان يعمل في صناعة الحرير بالمحلة الكبرى، تلك الوظيفة كانت سببًا في تسميته بـ«العقاد».

تعليمه

حصل العقاد على الابتدائية سنة 1903، وكان خلال دراسته يحرص -برفقة أبيه- على حضور مجلس العالم الأزهري أحمد الجداوي، وكان مجلس أدبٍ وعلم، وهو ما أسهم في تعزيز حُبِّه و، وحينها بدأ في نظم ، بعدما أثنى الكثير من أساتذته على حُسن تحصيله للعلوم، حتى أن الإمام محمد عبده زار المدرسة الابتدائية التي يدرس بها العقاد ورأى دفتره، فبشَّره بأنه .

عمله في البدايات

لم يسلك العقاد طريق الصحفية والإبداعية فور تخرجه في الابتدائية، لكنه بدأ الطريق بشكلٍ بعيد كل البعد عن الثقافة والفكر، إذ عمل موظفًا حكوميًّا بمدينة قنا عام 1905، وبعدها نُقِل إلى الزقازيق بمحافظة الشرقية سنة 1907 -التي شهدت وفاة والده- ليعمل في القسم المالي الخاص بالمحافظة، وبعدها انتقل إلى القاهرة، ليأخذ قراره بالاستقرار فيها، ثم البدء في تغيير مساره جذريًّا.

العقاد صحفيًّا

لم يجد العقاد نفسه بين أوراق الحياة الوظيفية و المعتاد وما تتسم به من قيود، فقرَّر خوض المجال الذي سيُبدع فيه بالاتجاه إلى العمل بالصحافة؛ فعمل مع محمد فريد وجدي بجريدة (الدستور اليومية)، واضطلع بمهامِّ التصحيح والترجمة والتحرير، بدايةً من العدد الأول حتى العدد الأخير.
ابتعد العقاد عن الصحافة مؤقتًا ليعود في عام 1912 إلى الوظائف الحكومية بالعمل في ديوان الأوقاف، لكنه عاد مرةً أخرى إلى مهنة القلم، بالاشتراك في تحرير جريدة (المؤيد) التي كان يصدرها الشيخ علي يوسف، قبل أن يصطدم معه لخلافهما على السياسة الخاصة بالجريدة، التي كانت تؤيد الخديوي عباس حلمي، فتركها وعمل بالتدريس فترةً مع الكاتب إبراهيم عبد القادر المازني، ثم عاد إلى الاشتغال بالصحافة في جريدة (الأهالي) سنة 1917 وكانت تَصدر بالإسكندرية، ثم تركها وعمل بجريدة (الأهرام) سنة 1919، وغيرها من الصحف الشهيرة، مثل جريدة (البلاغ) مع عبد القادر حمزة سنة 1932، كما شارك في تحرير صحف (روز اليوسف) و(الهلال) و(أخبار اليوم) ومجلة (الأزهر).

قد يهمك هذا المقال:   تصنيف افضل رويات عربية في التاريخ

السياسة في حياته

انشغل العقاد بالحركة الوطنية التي دارت رحاها في مصر بعد ثورة 1919، حتى أصبح أحد كُتَّابها الكبار المدافعين عن حقوق الوطن في الحرية والاستقلال، وكان الكاتب الأول لحزب الوفد، وبسببه خاض معارك كثيرة مع الأحزاب المنافسة، وظل مدافعًا شرسًا عن زعيم الأمة وقتها سعد باشا زغلول.
مقالاته السياسية ومواقفه الوطنية رشحته ليكون عضوًا بمجلس النواب، وفيه صار صوت الحقِّ المدافع عن استقلال بلاده، حين صرَّح بذلك في وقفته الشهيرة معترضًا على قرار الملك فؤاد بإسقاط عبارتَين من الدستور، تنص إحداهما على أن الأمة مصدر السلطات، والأخرى أن الوزارة مسؤولة أمام البرلمان، وقتها صدح العقاد بأعلى صوته، قائلًا: «إن الأمة على استعدادٍ لأن تسحق أكبر رأسٍ في البلاد يخون الدستور ولا يصونه». تلك الجملة الشجاعة زجَّت به في السجن لمدة تسعة أشهرٍ عام 1930 بتهمة العيب في الذات الملكية، وبعدها انقطعت علاقة العقاد بالسياسة، بعد اصطدامه بسياسة حزب الوفد تحت زعامة مصطفى النحاس باشا عام 1935.

أعماله

أسهم العقاد في مجالاتٍ عدة بأكثر من مئة كتاب؛ فكتب في الأدب والتاريخ والشعر والنقد والإسلاميات، وتراجم عن كبار الشخصيات في الشرق والغرب، مثل: غاندي وسعد زغلول وبينيامين فرانكلين ومحمد علي جناح وعبد الرحمن الكواكبي وابن رشد والفارابي ومحمد عبده.
ومن هذه الكتب العديدة:

  • الديوان في النقد والأدب (بالاشتراك مع المازني)
  • ابن الرومي حياته من شعره
  • شعراء مصر وبيئاتهم في الجيل الماضي
  • رجعة أبي العلاء
  • أبو نواس
  • الحكم المطلق في القرن العشرين
  • الشيوعية والإسلام
  • النازية والأديان

أعمال إسلامية للعقاد

من بين ما يزيد على مئة كتاب، للعقاد ما يصل إلى أربعين كتابًا تتناول الثقافة ، أغلبها تراجم لسير كبار الشخصيات في الدين الإسلامي، استهلها بعبقريات: محمد، والصديق، وعمر، وعلي، وخالد. ومن بعدهم أصدر (داعي السماء بلال)، و(ذو النورين عثمان)، و(الصديقة بنت الصديق)، و(أبو الشهداء)، و(عمرو بن العاص)، و(فاطمة الزهراء)، و(معاوية بن أبي سفيان).
في المقابل كانت له مؤلَّفات عديدة كُتِبت خصوصًا للدفاع عن الإسلام ودحض حجة خصومه، مثل: (حقائق الإسلام وأباطيل خصومه)، و(الفلسفة القرآنية)، و(التفكير فريضة إسلامية)، و(مطلع النور)، و(الديمقراطية في الإسلام)، و(الإنسان في القرآن الكريم)، و(الإسلام في القرن العشرين)، و(ما يُقال عن الإسلام).

قد يهمك هذا المقال:   حامد زيد الحلم

شعره

إلى جانب الكتب الفكرية والأدبية وغيرها في مجال النقد والأعمال الإسلامية، كان للعقاد إسهاماته في نظم الشعر من خلال عشرة دواوين، هي: يقظة الصباح، ووهج الظهيرة، وأشباح الأصيل، وأعاصير مغرب، وبعد الأعاصير، وأشجان الليل، ووحي الأربعين، وهدية الكروان، وعابر سبيل، وديوان من دواوين، ولا غرو فهو القائل:
والشعر من نفس الرحمن مقتبسٌ

والشاعر الفذ بين الناس رحمنُ

المرأة في حياته

يصف الشاعر فاروق جويدة العقاد بأنه كان قاسيًا مع المرأة، فيقول في مقالٍ له بجريدة (الأهرام): «عندما سألوه عن دخول المرأة البرلمان أو الوزارة، قال: لو حدث ذلك لرفعت يدي من القبر محتجًّا».
عداء العقاد للمرأة لم يمنع قلبه من أن يحب أكثر من مرة، لكنه لم ينتهِ به الأمر إلى الزواج، وقالوا إن روايته الوحيدة (سارة) بطلتها الحقيقية في حياته هي الفنانة الراحلة مديحة يسري.
يقول طاهر الطناحي، وهو من أصدقائه المقربين، إنه كان يومًا يجلس مع العقاد، وكان ينتظر زيارة إنسانةٍ يحبها، ولكنها تأخرت ولم تحضر؛ فقال العقاد: ربما وجدت ما هو أفضل. فقال له الطناحي: وهل هناك أفضل من العقاد؟ فردَّ عليه: يا طناحي إن المرأة مخلوق عجيب، إنها أحيانًا تُقبِّل اليد التي يأبى الشرفاء أن يصافحوها، وترفض أن تصافح اليد التي يتمنى الشرفاء أن يُقبِّلوها. افترض أن أحدًا دعاك إلى أكلة فول وطعمية، وبينما أنت في الطريق إليه وجدت دعوةً إلى عزومة كباب وكفتة.

وفاته

بعد أن أضاف العقاد إلى المكتبة العربية الكثير من المؤلَّفات في شتى المجالات من شعرٍ ونقد وتاريخ وكتبٍ إسلامية، فارق الحياة في الثاني عشر من مارس عام 1964 بمنزله في مصر الجديدة، ودُفِن بأسوان مسقط رأسه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *