الضمائر في اللغة العربية
الضمائر في اللغة العربية هي كلمات تُوضَع لتُشير إلى معينٍ بواسطة التكلُّم أو الخطاب أو الغيبة، وهي أسماء جامدة مبنية ولهذا يختلف عن غيرها من الكلمات والحروف، وتُعدُّ من أعرف المعارف بعد لفظ الجلالة، وأعرف ما فيها ما كان للتكلُّم ثم ما كان للخطاب ثم ما كان للغائب.
جاء في القاموس المحيط أن مادة “ضمر” تدور حول الخفاء والضآلة، فالضُّمُر هو العزال، والضمير هو العنب الذابل، وتضمير الخيل عمل يُقصَد به إزالة ترهُّلها، وما يضمره الإنسان هو كل شيءٍ يخفيه داخل قلبه، وأضمرته الأرض أي غيَّبته بموتٍ أو سفر، وهكذا.
وظائف الضمائر
من ناحية الوظيفة، تلعب الضمائر في اللغة العربية دورًا كبيرًا في عملية الربط؛ فالضمير البارز مثلًا يؤدي وظيفته في وصل التراكيب، وهي ْ الوظيفة نفسها التي تؤديها أدوات المعاني الرابطة، كأدوات الشرط و و وغيرها، إلا أنه يختلف عنها في كونه يعتمد على إعادة الذِّكر، في حين تعتمد تلك الأدوات على معانيها الوظيفية.
كما أن للضمائر قيمةً استعمالية تكمُن في الاختصار والإيجاز في التعبير بالاستغناء عن إعادة ما سبق ذكره من أسماء، فضمير الغائب في قوله تعالى {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} 35 قام مقام 20 شخصًا، ولو تكرَّر الاسم المقصود في كل مرةٍ لذهب ذلك بجمال الأسلوب وتماسك اللغة، ولا تصح الكتابة دون ضمائر حيث أنها تشكل دقة كبيرة في الإشارة والتوضيح ويظهر استخدام الضمائر في كافة المكتوبات بدايةً من و وحتى .
أقسام الضمائر
تُقسَّم الضمائر في اللغة العربية إلى ضميرٍ ظاهر (بارز) وضميرٍ مستتر.
الضمير المستتر هو الذي ليس له وجود ظاهر في الكلام، بل يُقدَّر من ضمن سياق الكلام، كما في قوله تعالى {وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا} 44 أي: أمات هو وأحيا هو، وأيضًا قوله {وَاَلَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحنَا} 91 أي: والتي هي أحصنت فرجها.
أقسام الضمائر الظاهرة
ينقسم الضمير الظاهر إلى منفصلٍ ومتصل، والمنفصل يشمل ضمائر المتكلم والمُخاطَب والغائب، ويأتي على وجهَين: ضمائر رفعٍ وضمائر نصب.
ضمائر الرفع
تنقسم إلى ثلاثة أقسام، هي: ضميرا المتكلم (أنا، نحن)؛ وضمائر المُخاطَب (أنتَ، أنتِ، أنتم، أنتما، أنتن)، وضمائر الغائب (هو، هي، هما، هن، هم).
إعراب ضمائر الرفع
تُعرَب ضميرًا منفصلًا مبتدأً أو خبرًا أو فاعلًا وفقًا لموقعها في الجملة كما تأتي مع .
على سبيل المثال، يقول الله تعالى: {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ} 24، {أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} 64، {وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} 2، ويقول {بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ} 35، {وَهُوَ بِٱلْأُفُقِ ٱلْأَعْلَىٰ} 7، {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} 5، {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} 40، {إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ} 6، {يَا قَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} 78.
إذن، كلٌّ من (أنا، نحن، أنت، أنتما، هو، هي، هما، هم، هن) تُعرَب ضميرًا منفصلًا مبنيًّا في محلِّ رفع مبتدأ.
ضمائر النصب
- المتكلم: إياي، إيانا.
- المُخاطَب : إياك، إياك، إياكما، إياكم، إياكن.
- الغائب: إياه، إياها، إياهما، إياهم، إياهن.
إعراب ضمائر النصب
تُعرَب ضميرًا منفصلًا مبنيًّا في محلِّ نصب مفعولٍ به أو معطوفٍ على منصوب، ولا يقع الضمير المنفصل للنصب مفعولًا به إلا إذا تقدَّم على الفعل أو فُصِل بينه وبين الفعل بـ”لا”.
يقول تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} 5، {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} 23، {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} 24، {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} [العنكبوت:56].
كلٌّ من (إياه، إياك، إياي) في الآيات، يُعرَب ضميرًا منفصلًا مبنيًّا في محلِّ نصب مفعولٍ به.
الضمير المتصل
وهو ثلاثة مواضع، هي: ضمائر الرفع، وضمائر النصب، وضمائر الجر.
- ضمائر الرفع: (ألف الاثنين، واو الجماعة، نون النسوة، ياء المُخاطَبة، تاء الفاعل، نا الدالة على الفاعلَين.
- ضمائر النصب: (الهاء، الكاف، ياء المتكلم، نا المتكلمين أو المفعولين )، ونجدها في (رأيتها – رأيتك – رأيتني – رأيتنا).
- ضمائر الجرِّ المتصلة: تأتي على شاكلة ضمائر النصب المتصلة نفسها، لكن هذه المرة لا تأتي منفردة، بل يسبقها حرف جر: (منها، عليك، إلينا، لها، عنه، فيها).
إعراب ضمائر الرفع والنصب
تكون دائمًا متصلةً بالفعل أو كان وأخواتها، فإذا اتصلت بالفعل التام تُعرَب ضميرًا متصلًا مبنيًّا في محلِّ رفع فاعل، ومن ذلك: يقول تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} 7، {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} 6، {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} 2، {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا} 4، {فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ} 33، {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا} 1، تُعرب كلٌّ من (التاء، وألف الاثنين، واو الجماعة، نون النسوة، ياء المُخاطَبة، نا الفاعلين) في الآيات، ضميرًا متصلًا مبنيًّا في محلِّ رفع فاعل.
أما إذا اتصلَّت بكان وأخواتها فهي تُعرَب ضميرًا متصلًا مبنيًّا في محلِّ رفع اسم كان أو إحدى أخواتها، كما في قوله تعالى: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً} 7.
أما إذا دخلت عليها إنَّ وأخواتها تُعرَب ضميرًا في محلِّ نصب اسم إنَّ أو إحدى أخواتها، كما في قوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} 1.
ضمائر الجر
هي: ياء المتكلم ـ ناء المتكلمين ـ كاف الخطاب – هاء الغائب. وتأتي مضافةً إلى الاسم، أو إذا دخل عليها حرف جرٍّ فتأتي مجرورةً بالإضافة أو بالحرف.
إذا أُضيف إليها الاسم تُعرَب ضميرًا متصلًا مبنيًّا في محلِّ جرِّ مضافٍ إليه، يقول تعالى: {فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ} 15، {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} 2، {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ} 34، {هَٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ ۚ} 29.
كلٌّ من ياء المتكلم في “ربي”، وكاف المُخاطَب في “لربك”، وهاء الغائب في “أخيه”، ونا الفاعلين في “كتابنا” ضمير متصل مبني في محلِّ جرِّ مضافٍ إليه.
أيضًا إذا دخل عليها حرف جر، تُعرَب ضميرًا متصلًا مبنيًّا في محلِّ جر، ومثال على ذلك ياء المتكلم في قوله تعالى: {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا} 5، وكاف المٌخاطَب في قوله تعالى: {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ} 2، وهما في قوله تعالى: {فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} 23، ونا الفاعلين في قوله تعالى: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا} عمران: 147.