القراءة للأطفال
للقراءة أهمية كبرى في حياة الإنسان عمومًا والأطفال خصوصًا، لأنها تُنمِّي العقل وتُوسِّع الخيال وتزيد من براعة الإنسان اللغوية ولباقته في الحديث. وحبُّ القراءة والاعتياد عليها من الصغر من أفضل الأشياء التي يمكن أن يُعلِّمها الآباء لأبنائهم، فلا خوف على طفلٍ يقرأ لأنه سيتعلم الحياة من خلال الكتب المفيدة.
وهذا المقال يستعرض للأطفال والطرق التي يمكن من خلالها تعزيز رغبةالأطفال في القراءة، وغيرها من المعلومات المهمة عن القراءة ذاتها.
فوائد القراءة للأطفال
بعد دراساتٍ وملاحظات، أكدت الأكاديمية لطبِّ الأطفال على أهمية القراءة للأطفال منذ سنٍّ صغيرة، وأنَّ على الآباء لأطفالهم بصوتٍ عالٍ منذ سنٍّ مبكرة، ومن ثمَّ يدعمون الطفل للقراءة بمفرده عندما يبدأ بتعلم القراءة، وذلك لما لها من أهميةٍ كبرى للأطفال في كثيرٍ من المجالات.
وفي النقاط التالية ذكر لأهم تلك الفوائد:
التنمية اللغوية
القراءة للأطفال تشكل أساسيات اللغة في مسامعهم، وتُكوِّن عندهم حصيلةً لغوية كبيرة، ومن ثمَّ لن يواجهوا أية مشكلةٍ في التعبير عن أنفسهم أو في دراسة اللغة عند دخول المدرسة. وعندما يمتلك الطفل لغةً سليمة نتيجة كثرة سماعه للمفردات اللغوية، سيتمكن من التعبير عمَّا يرغب فيه ويريده، ولن يحتاج إلى الصراخ أو البكاء لأنه ببساطةٍ يعرف ما يريد قوله.
ومن هذا المنطلق فإنَّ القراءة تساعد على إجراء نقاشٍ فعَّال وهادئ مع الطفل واقناعه بالمبادئ الصحيحة، فاللغة تُنمِّي العقل وتجعله منظمًا وتُشجِّع الأطفال على النطق الصحيح، وسيُلاحظ الآباء رغبة الطفل في طرح الأسئلة وعليهم أن يجيبوا بهدوء، لأنَّ تلك الأسئلة وذلك الفضول مهارتان مهمتان جدًّا.
علاقة عائلية جميلة
يرغب الأطفال دومًا في اللعب كونهم يمتلكون طاقةً كبيرة، ولكن الآباء لا يستطيعون تلبية تلك الطاقة والحاجة إلى اللعب بسبب مشاغل الحياة، ولكن عادة القراءة للأطفال تُقدِّم للآباء فرصةً جيدة لتنمية علاقتهم بأبنائهم، وجعلها عادةً يومية شائقة يتطلَّع الطفل إليها، وتدعم تكوين علاقةٍ عاطفية عميقة مع الوالدَين حين يحكيان القصة المقروءة بأصواتٍ مختلفة أو إشاراتٍ وتعبيرات بسيطة.
المساعدة على النوم
يلاحظ أطباء الأطفال أن القراءة للأطفال تساعدهم على الهدوء والنوم، فعلى الرغم من أنها تنشط العقل والخيال إلا أنها تجعل الطفل مسترخيًا وهادئًا، والقراءة في المساء تُهدِّئ الطفل وتجعله راغبًا في النوم مباشرةً.
الهدوء والتركيز
في البداية ستكون القراءة مملةً بالنسبة إلى الطفل، ولكن مع الاستمرار في المحاولة ستجذب مجريات (أو القصص) عقلية الطفل، لا سيما إن برع الوالدان في تمثيل القصة بالأصوات خلال القراءة، وعندما ينجذب الطفل سيترك ما بيده ويجلس بهدوءٍ ليستمع إلى بقية القصة.
هذا الانضباط والتركيز في القصة والصور ومتابعة الأحداث مفيد جدًّا للطفل، ويساعده بعد ذلك على التركيز في أمورٍ أخرى مثل الدراسة، فهي تدريب للعقل على الهدوء والتركيز لدقائق أكثر، لا سيما أن الصغار لا يتمكنون من التركيز في أمرٍ واحد لأكثر من عشر دقائق.
التفكير بمنطق
من فوائد القراءة للأطفال أنها تجعلهم منطقيين في التفكير، ولديهم مفهوم السبب والنتيجة، وأيضًا تساعد على تعلُّم المبادئ والقيم، فغالب القصص تحتوي على رجلٍ شرير ورجلٍ خير، ومن ثمَّ يتعلم الطفل نبذ أفعال الرجل الشرير ويبتعد عنها في حياته، من دون ما يتعب الآباء في شرح تلك المفاهيم بطريقةٍ تقليدية غير مفهومةٍ للطفل.
الخيال
إنها الفائدة الأهم على الإطلاق من فوائد القراءة للأطفال؛ فقراءة قصةٍ مع بعض الصور البسيطة تجعل الطفل يتخيَّل مجريات القصة في خياله، فتتوسَّع أفاقه ومداركه، وامتلاك هذا الخيال الخصب سيجعله مبدعًا وموهوبًا في الكثير من الأمور.
ومن ناحيةٍ أخرى لو وضعنا القراءة في مقارنةٍ بالتلفاز فإنَّ من مخاطر التلفاز أنه يجعل الطفل متأثرًا ومنجذبًا لما يشاهد، ولكنه لا ينمي خياله، بل يفرض عليه بعض المشاهد، بينما القراءة عالم لا نهاية له من الخيال، وهذا مفيد جدًّا في حياة الطفل عند الكبر، لأنَّ المبدعين دائمًا يمتلكون خيالًا خصبًا.
التجارب الجديدة ومواجهة الحياة
القراءة للأطفال تجعلهم مستعدين لمُواجهة الحياة والتعلُّم من الفشل؛ فلا يخافون من خوض التجارب، بل يشعرون كأنهم أبطال قصتهم الخاصة، ولأنَّ الأبطال يواجهون الفشل ويتغلَّبون عليه، سيعتاد الطفل فعل ذلك، ولن يكون ضعيفًا أو سريع الهزيمة. فالقراءة تُعزِّز ثقة الطفل بنفسه وبقدراته، فكلما تعلَّم كلمةً أو ربط بين حدثٍ وآخر سيشعر بالنجاح والفخر بنفسه.
كيف تجعل الطفل يحب القراءة
بعد معرفة تلك الفوائد وأهمية القراءة للأطفال، يواجه الآباء مشكلةً كبيرة، وهي كيف يُعلِّمون أبناءهم حبَّ القراءة، ولذلك ستُساعدهم النصائح التالية في فعل ذلك:
- الطفل يُقلِّد أكثر ممَّا يتعلَّم، وهذه أول نصيحةٍ مهمة؛ فالطفل الصغير يُقلِّد أبوَيه وكأنه ببغاء، لذا لا يمكن أن يتعلَّم الطفل حبَّ القراءة من دون أن يشاهد أبوَيه يقرءان بأنفسهما ويستمتعان بذلك.
- في البداية، على الطفل أن يحب الكتاب ويلعب به تمامًا مثلما يبدأ بالتعرف على لعبةٍ جديدة، وعلى الآباء أن يتركوا الطفل يلعب بالورق ويشاهد الصور أولًا ثم يبدأ بفتح الكتاب وقراءة ما فيه.
- حسن اختيار الكتب من الأمور المهمة. في السنِّ الصغيرة يجب أن يبدأ الآباء بسرد القصص المثيرة للأطفال، وشراء القصة التي تناسب سنَّهم فقط. وفي البداية يجب أن تكون القصة قصيرةً ومثيرة مع صورٍ جميلة، ومع الوقت تزيد القصص في الحجم والتعقيد، مع الاهتمام بألوان القصة والصور أو الورق البارز الذي يستطيع الطفل من خلاله لمس الشخصيات.
- توسيع مجالات القراءة، فبعض القصص يمكن أن تكون كوميديةً فقط، والبعض تعليمية، ثم قصص عن الفضاء أو قصص دينية مكتوبة بطريقة تناسب الأطفال، أو قصص خيالية عن الوحوش أو الحيوانات الناطقة، وكتب تحكي عن التاريخ، وغيرها من المجالات المتعددة التي يمكن للطفل الاستمتاع بها والتعلُّم منها، فكثرة المجالات تجعل الطفل متشوقًا للمعرفة الجديدة فيتقبَّل القراءة ويحبها.
- تشجيع الطفل على طرح الأسئلة أو الإجابة عنها، والتعبير عما شعر به من خلال القصة.
- لا يجب إرغام الطفل على جلسةٍ معينة في أثناء ؛ فهي ليست قيدًا.
- لا تجعل من القراءة درسًا لتعليم الأدب، فلا يجب أن يختار الآباء قصةً تناسب خطأً كان قد فعله الطفل، وكأنها درس في الأخلاق، سيكره الطفل القراءة، ويشعر أنها أداة لتأنيب الضمير.
- لا مشكلة في ربط بعض الكلمات البسيطة بأصواتها، فحين يراها الطفل مرةً أخرى سيعرفها قبل أن ينطقها الأب، وسيفرح بنفسه.
- اجعل من القراءة روتينًا يوميًّا ممتعًا، فحين يشعر الآباء بالمتعة سيشعر بها الطفل أيضًا، وتخصيص وقتٍ للقراءة سيجعل منها عادةً جميلة. كما يجب أن تكون القراءة بطيئةً ليتمكَّن الطفل من الاستيعاب وخلق صورةٍ واضحة لمجريات الأحداث في عقله الصغير، وربط الشخصيات ببعضها.
- الأجداد يمكن أن يقرأوا أيضًا، فهي ليست مهمةً صعبة أو مرهقةً، وفي الوقت ذاته سيكون تغيُّر الأشخاص بمنزلة تغييرٍ في أسلوب القراءة، ومن ثمَّ عشق جديد للقراءة.
- يمكن التبديل بين القصص الورقية والإلكترونية لتنويع الوسائل.
- تقديم مجالٍ مفتوح ليختار الطفل ما يريده، سواءً من خلال شراء عدة اختيارات، أو أخذ الطفل إلى لمكتبة للاختيار منها بنفسه.