عبد الله بن مسعود
هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب، وينتهي نسبه إلى معد بن عدنان، كان يلقب بأبي عبد الرحمن الهزلي، ولد ، وأمه هي أم عبد بنت عبدون بن سوداء، وكان رضي الله عنه مسؤولًا عن بيت المال في خلافة عمر بن الخطاب، كما كان مسؤولًا عن أمور القضاء بالكوفة في خلافته أيضًا.
إسلامه رضي الله عنه
الصحابي عبد الله بن مسعود من السابقين للإسلام، وهو سادس من دخلوا في الإسلام، وكان ذلك قبل إسلام سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كما أنه أول من جهر بقراءة القرآن الكريم، وقد صلى بالقبلتين، قبل تحويل القبلة إلى الكعبة المشرفة، وبعدها، وهو من العشرة المبشرين بالجنة، وهو أيضًا أول من هاجر مع الرسول صلى الله عليه وسلم الهجرتين.
كانت الهجرة الأولى إلى بلاد الحبشة، ثم بعد ذلك هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يثرب التي سميت فيما بعد ، كناه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبد الرحمن، وشهد معه العديد من الغزوات، كانت أهمها والتي وقعت عام 2 من الهجرة النبوية، حيث أثبت قدرته وشجاعته على القتال واستطاع بفضل الله قتل رأس الجهل أبي جهل في الغزوة نفسها.
صفاته
كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه تقيًا ورعًا، حافظًا لكتاب الله، وكان يتصف بقصر طوله ونحالة جسده، كما كان يروي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رضي الله عنه شديدَ الأمانة في الرواية عنه صلى الله عليه وسلم، حتى أنه كان يخشى تمام الخشية أن ينطق بحرف لم ينطق به النبي في حديثه؛ ولذلك فقد روي عن عمرو بن ميمون قال: “اختلفت إلى عبد الله بن مسعود سنة، ما سمعته يحدث فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا إنه حدث ذات يوم بحديث فجرى على لسانه: “قال رسول الله”، فعلاه الكرب حتى رأيت العرق يتحدر عن جبهته، ثم قال مستدركًا: “قريبًا من هذا قال الرسول”، كما كان حكيمًا، وكان الصحابة يحبونه ويوقرونه لعظم أخلاقه وعلمه ونبوغه.
جهره رضي الله عنه بالقرآن
أول من جهر بالقرآن هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك لما أنزل عليه من وحي الله فصار يجهر به ويدعو أمته إلى الإسلام، ثم الصحابي عبد الله بن مسعود أول من جهر بالقرآن الكريم بعد الرسول صلى الله عليه وسلم من الصحابة، وكان ذلك عند ، وذلك عندما أراد ابن مسعود أن يُسمع كلام الله إلى قريش فذهب إلى الكعبة في وقت وقريش مجتمعة في أنديتها وتوجه ابن مسعود إلى المقام رافعًا صوته وكان حسنَ الصوت رضي الله عنه قائلًا: {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآَنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} سورة الرحمن: آية 1-4.
وهنا انتبهت قريش إلى صوت ابن مسعود فتساءلوا في استنكار بعضهم بعضًا عما يقول، ثم قال أحدهم: إنه ليتلوا بعض ما جاء به محمد، وهنا كانت الصاعقة فهبوا جميعًا وجعلوا يضربونه ويوجعونه، إلا إنه استمر على قراءته رغم ما أصابه من ألم شديد، وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ، ثم عاد رضي الله عنه وقد أصابه الضرب في وجهه، فلما رآه أصحابه على هذه الحالة انزعجوا لأمره وقالوا له هذا الذي خشينا عليك من قريش فقد أسمعتهم ما يكرهون، فقال لهم: ما كان أعداء الله قط أهون علي منهم الآن، ولئن شئتم غاديتهم بمثلها غدًا.
وقد كان رسول صلى الله عليه وسلم يحب سماع من ابن مسعود، وقد روي أن النبي أمره أن يقرأ عليه القرآن، وكان ابن مسعود يقول له: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟ وكان الرسول يجيبه قائلاً: «إني أحب أن أسمعه من غيري».
صاحب النعل والوسادة
كان لعبد الله بن مسعود مكانة كبيرة في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما كان هو الوحيد من الصحابة الذي من حقه قصد باب الرسول صلى الله عليه وسلم في أي وقت، وقد كان رضي الله عنه برفقته طَوال الوقت، دائم الحرص على خدمته ، مستعدًا للتضحية بروحه من أجله، فكان يداوم على تنظيف وسادة رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نومه، كما كان يساعده في ارتداء حذائه، ولهذا السبب أطلق عليه الصحابة صاحب النعل والوسادة كما كان يُدخل يديه داخل حذاء الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن ينزعه الرسول صلى الله عليه وسلم من قدميه.
ويروى أنه رضي الله عنه صعد في أحد الأيام إلى نخلة لما أراد أن يحضر منها بعض التمر من أجل النبي صلى الله عليه وسلم، وكان رضي الله عنه ذا ساق نحيلة جدًّا، فلما رآه الصحابة ورأوا حال رجله ضحكوا وسخروا منها، فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السبب الضحك لما فطن من سخريتهم له، قائلًا: «مم تضحكون ؟ لرجل عبد الله بن مسعود أثقـل في الميـزان يـوم القيامـة من أحـد» كذلك كان رضي الله عنه كاتم أسرار رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما كان من الفقهاء أصحاب العلم قال عنه علي ابن أبي طالب رضي الله عنه: “عَلَم القرآن والسنة”.
وفاته رضي الله عنه
توفى الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود في عام 32 هجريًّا عن بضع وستين سنة، وذلك بعد أن أصابه مرض شديد توفي على إثره، ودفن بالبقيع في المدينة المنورة، وترك رضي الله عنه إرثًا يبلغ 90 ألف درهم وبعض الماشية والرقيق، وكان رضي الله عنه قد أوصى إلى الصحابي الزبير بن العوام بالتصرف في أمواله هو وابنه عبد الله بن الزبير، وكذلك الموافقة على زواج بناته، فلم تتزوج إحداهن إلا بموافقة الزبير وابنه رضي الله عنهم أجمعين.